للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غزارة: كثرة، والسّحب: جمع سحابة، كنى بها عن كثرة العلم. الهناء: القطران.

النّقب: جمع نقبة وهو أوّل ما يبدو من الجرب، وهو مثل لمن وضع الشيء في موضعه، أراد أنه ماهر، أي حاذق يعطي كلّ طالب ما يستحقه ويشفيه من سؤاله، لأن الجهل في القلب بمنزلة الدّاء، فهذا يوقع بيانه بموضع الجهل، فيبرأ صاحب ذلك من دائه، ووضع الهناء مواضع النقب، عجز بيت لدريد بن الصمّة، وكان خرج فرأى الخنساء الشاعرة تهنأ: ذودا لها، ثم نضت ثيابها واغتسلت وهو يراها ولا تراه فقال: [الكامل]

حيّوا تماضر واربعوا صحبي ... وقفوا فإنّ وقوفكم حسبي (١)

ما إن رأيت ولا سمعت به ... كاليوم طالي أينق جرب

متبذّلا تبدو محاسنه ... يضع الهناء مواضع النّقب

وتماضر اسم الخنساء: قوله: أسير من المثل، أي أنه لا يستقرّ ببلد. النقل، يريد انتقاله في المنازل فلا يقيم بمنزلة سوى ليلة، وينتقل في الثانية إلى أخرى، فأراد أنّ أبا زيد لا يستقرّ ببلد إلّا ما يستقرّ القمر بمنزله وهي ليلة واحدة، بل هو أسرع من القمر في ذلك، وإنما خصّ القمر به لأنّه أسرع الكواكب ثقلة من برج إلى برج، إذ لا يمكث في البرج إلا يومين أو ثلاثا، والبرج منزلتان وثلث، والشمس تمكث في البرج ثلاثين يوما، وعطارد يمكث فيه سبعة عشر يوما، والمشتري اثني عشر شهرا وزحل ثلاثين شهرا، والمرّيخ شهرا ونصفا، والزّهرة ستة وعشرين يوما، والرأس والذنب ثمانية عشر شهرا، ذلك تقدير العزيز العليم.

قوله: وأستعذب السفر الذي هو قطعة من العذاب: هو حديث صحيح، رواه مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهته فليعجّل الرجوع إلى أهله» (٢). النّهمة. بلوغ الهمة والشهوة والحاجة، ورجل منهوم بكذا مولع به.

***


(١) الأبيات في ديوان دريد بن الصمة ص ٣٤، والبيت الأول في الأغاني ١٥/ ٦١، وتاج العروس (مضر)، والشعر والشعراء ص ٣٥٠، وبلا نسبة في الخصائص ٣/ ١٩٧، والممتع في التصريف ١/ ٩٦، والبيت الثاني في الأغاني ١٠/ ٢٢، وإصلاح المنطق ص ١٢٧، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٧٨، ١٢٩، وشرح شواهد المغني ص ٩٥٥، وشرح المفصل ٨/ ١٢٨، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ١٨٨، وجمهرة اللغة ص ٣٧٤، ومغني اللبيب ص ٦٧٩، والبيت الثالث في لسان العرب (نقب)، وديوان الأدب ١/ ١٥٠، وتاج العروس (نقب)، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٥/ ٤٦٦.
(٢) أخرجه البخاري في العمرة باب ١٩، والجهاد باب ١٣٦، والأطعمة باب ٣٠، ومسلم في الإمارة حديث ١٧٩، والدارمي في الاستئذان باب ٤٠، ومالك في الاستئذان حديث ٣٩، وأحمد في المسند ٢/ ٢٣٦، ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>