للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما وجود الأشياء مع أضدادها مثل الحلاوة مع أصله مرّ فله نظائر، قال حبيب:

[البسيط]

* والنار قد تنتضى من ناضر السّلم (١) *

وقال المتنبي: [الوافر]

فإن الماء يجري من جماد ... وإن النار تخرج من زناد (٢)

وقد يجري أيضا خلاف العادة في الأشياء، فقد يتشابه الشيئان من جهة، ويتباعدان من أخرى.

قال المعرّي: [البسيط]

قد يبعد الشيء من شيء يشابهه ... إنّ السماء نظير الماء في الزّرق (٣)

قال المتنبي وقد سبقه إليه: [الوافر]

وقد يتقارب الوصفان جدّا ... وموصوفا هما متباعدان (٤)

وما أحسن قول ابن صارة: [البسيط]

يا من يعذّبني لمّا تملّكني ... ماذا تريد بتعذيبي وإضراري

تروق حسنا وفيك الموت أجمعه ... كالصّقل في السّيف أو كالنور في النار

وقال ابن عبدون أستاذ بلنسية: [البسيط]

يا من محيّاه جنات مفتّحة ... وهجره لي ذنب غير مغفور

لقد تناقضت في خلق وفي خلق ... تناقض النار بالتدخين والنّور

***

قال: فقرّبه الوالي لبيانه الفاتن؛ حتى أحلّه مقعد الخاتن. ثم فرض له من سيوب نيله، ما آذن بطول ذيله، وقصر ليله. فنهض عنه بردن ملآن، وقلب جذلان، وتبعته حاذيا حذوه، وقافيا خطوه، حتّى إذا خرج من بابه، وفصل عن غابه، قلت له: هنّئت بما أوتيت، وملّيت بما أوتيت فأسفر وجهه وتلالا، ووالى شكرا لله تعالى، ثم خطر اختيالا، وأنشد ارتجالا: [الطويل]


(١) صدره:
أخرجتموه بكره من سجيّته
والبيت في ديوان أبي تمام ص ٢٦٩.
(٢) البيت في ديوان المتنبي ٢/ ٣٦٥.
(٣) البيت في سقط الزند ص ٦٨٨.
(٤) البيت في ديوان المتنبي ٤/ ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>