للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ألفاظ أهل العصر: الشّباب باكورة الحياة، وروائح الجنة في الشباب. أطيب العيش أوائله؛ كما أنّ أطيب الثمار بواكرها.

قال الصوليّ: قد أكثر في ذكر الشّباب القدماء وأهل الإسلام. وأجمع الحذّاق بالشعر وتمييز الكلام وألفاظه؛ أنه لم يقل فيه أحسن من قول منصور النّمريّ، ووقع الإجماع عليه، فما ضرّ تأخّره، وهو: [البسيط]

ما تنقضي عبرة منّي ولا جزع ... إذا ذكرت شبابا ليس يرتجع (١)

بان الشباب وفاتتني مسرّته ... صروف دهر وأيام لها خدع

ما كنت أوفي شبابي كنه غرّته ... حتّى انقضى فإذا الدّنيا له تبع

إن كنت لم تطعمي ثكل الشّباب ولم ... تشجى بغصّته الدّنيا ولا تسع

أبكي شبابا سلبناه وكان ولا ... توفي بقيمته الدّنيا ولا تسع

ما واجه الشّيب من عين وإن رمقت ... إلّا لها نبوة عنه ومرتدع

وقال أبو نواس: [الكامل]

كان الشّباب مطيّة الجهل ... ومحسّن الضّحكات والهزل (٢)

كان الجمال إذا ارتديت به ... وخرجت أخطر صيّت النعل

كان البليغ إذا نطقت به ... وأصاخت الآذان للمملي

كان المشفّع في مآربه ... عند الحسان ومدرك التّبل

والباعثي والنّاس قد رقدوا ... حتى أكون خليفة البعل

وقال جحظة: [السريع]

واها لأيّام الشبا ... ب وما لبسن من الزخارف

وزوالهنّ بما عرف ... ت من المناكر والمعارف

أيام ذكرك في دوا ... وين الصّبا صدر الصحائف

وقال ابن أبي حارثة: [البسيط]

ولّى الشّباب فخلّي العين تنهمل ... فقد الشّباب بفقد الرّوح متّصل

لا تكذبنّ فما الدّنيا بأجمعها ... من الشّباب بيوم واحد بدل

وقال آخر: [الكامل]

شيئان لو بكت الدّماء عليهما ... عيناي حتى تؤذنا بذهاب


(١) الأبيات في الأغاني ١٣/ ١٤٥، وأمالي المرتضى ٢/ ٦٠٦.
(٢) الأبيات في ديوان أبي نواس ص ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>