للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا رأى الغانيات المشي ... ب أغضين دوني طرفا كحيلا

سأندب عهد انقضاء الصّبا ... وأبكي الشّباب بكاء طويلا

وغنّيتها. فبكى المعتصم، وقال: لو قدرت على ردّ شبابك لفعلت ولو بشطر ملكي؛ فلم يكن لكلامه عندي جواب إلّا أنّ قبّلت البساط بين يديه.

وأبكى بيت ورد في فقد الشباب قول أبي الغصن الأسديّ: [الوافر]

أتأمل رجعة الدّنيا سفاها ... وقد صار الشّباب إلى ذهاب

فليت الباكيات بكلّ أرض ... جمعن لنا فنحن على الشّباب

وقال سلامة بن جندل، وهو جاهليّ: [البسيط]

أودى الشّباب حميدا ذو التّعاجيب ... أودى وذلك شأو غير مطلوب (١)

ولّى حثيثا وهذا الشّيب يطلبه ... لو كان يدركه ركض اليعاقيب

أودى الشّباب الّذي مجد عواقبه ... فيه نلذّ ولا لذّات للشيب

وقال سلامة أيضا: [البسيط]

يا خدّ أمسى سواد الرأس خالطه ... شيب القذال اختلاط الصّفو بالكدر (٢)

يا خدّ أمست لبانات الصبا ذهبت ... فلست منها على عين ولا أثر

كان الشباب لحاجات وكنّ له ... فقد فرغت إلى حاجاتي الأخر

وأنشد أبو العيناء: [الكامل]

ما في يديّ من الصّبا ... إلّا الصّبابة والأسف

جاء الشباب فما أقا ... م ولا ألمّ ولا وقف

كان الشّباب كزائر ... ملّ الزيارة وانصرف

والباب لا يحصى كثرة.

قوله: قرمت لكذا، أي اشتدّت شهوتي إليه، وأصله شدّة الشهوة إلى اللحم.

والرّشد والرّشد واحد. فرّطت: ضيّعت، وفرّط في الشيء: قدّم فيه التقصير والعجز، وهو من قولهم: فرط الفارط في طلب الماء، أي تقدّم القوم إليه. وقرئ: يا حَسْرَتَنا


(١) الأبيات في ديوان سلامة بن جندل ص ٨٨، ٨٩ والبيت الأول في المخصص ١٢/ ١٤٧، ١٦/ ١١٣، وشرح اختيارات المفضل ص ٥٦٦، والبيت الثاني في لسان العرب (عقب)، (ركض)، ومقاييس اللغة ٢/ ٢٩، والمخصص ١٦/ ١١٣، والبيت الثالث في تخليص الشواهد ص ٤٠٠، والشعر والشعراء ص ٢٧٨.
(٢) الأبيات في ديوان ابن مقبل ص ٧٣، وجمهرة اللغة ص ٣٤٦، وفي الديوان «يا حرّ» بدل «يا خدّ»، والبيت الثاني في أساس البلاغة (تلو)، ومقاييس اللغة ١/ ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>