للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلاك على عينيّ عريان حاسرا ... فرحت بتطليق وأنت قمين

وطهّر قلبي من هواك ببارد ... وسخن نقرّ الجفن وهو سخين

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الحمّام يذكّر جهنم، وينقّي الدّرن.

وقال عليّ رضي الله عنه: بئس البيت الحمّام! تكشف فيه العورات، وترتفع فيه الأصوات، ولا يقرأ فيه آية من كتاب الله تعالى.

ودخله بعض الأمراء مع الرقاشي فقال له: امدحه، فقال: يذهب القشافة، ويعقب النظافة، ويفشّ التّخمة، ويطيّب النّعمة، فقال: ذمّه، فقال: يهتك الأستار، ويؤلّف الأقذار، ويذهب بالوقار.

***

قوله: «إذا شئت فالسرعة السرعة»، يقول إذا شئت أن تقصد الحمّام فالزم السرعة، وعجل الرجعة، وكرّرهما تأكيدا، والفعل الناصب لهما يلزم إضماره مع التكرير، فإذا أفردت جاز إظهار الفعل، ونظيرهما قول العرب: الطريق، الطريق، والأسد الأسد وقال الشاعر: [البسيط]

* خلّ الطريق لمن يبنى المنار له (١) *

فلما سقط التكرير ساغ له إظهار الفعل. مطّلعي: مصدر بمعنى طلوعي. أهل الحجاز يفتحون لامه في المصدر وغيرهم يكسرها. ارتداد طرفك، أي رجوع نظرك.

***

ثمّ استنّ استنان الجواد في المضمار، وقال لابنه: بدار بدار! ولم نخل أنّه غرّ، وطلب المفرّ. فلبثنا نرقبه رقبة الأعياد، ونستطلعه بالطّلائع والرّوّاد، إلى أن هرم النّهار، وكاد جرف النّهار ينهار. فلمّا طال أمد الانتظار، ولاحت الشّمس في الأطمار، قلت لأصحابي: قد تناهينا في المهلة، وتمادينا في الرّحلة، إلى أن أضعنا الزّمان، وبان أنّ الرّجل قد مان، فتأهّبوا للظّعن، ولا تلووا على خضراء الدّمن.

***


(١) عجزه:
وابرز ببرزة حيث اضطرّك القدر
والبيت لجرير في ديوانه ١/ ٢١١، وشرح التصريح ٢/ ١٩٥، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٨٦، والكتاب ١/ ٢٥٤، ولسان العرب (برز)، والمقاصد النحوية ٤/ ٣٠٧، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤/ ٧٨، والرد على النحاة ص ٧٥، وشرح الأشموني ٢/ ٤٨١، وشرح المفصل ٢/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>