لمّا رأيت الهلال منطويا ... في غرّة الفجر قارن الزّهره
شبّهته والعيان يشهد لي ... بصولجان أوفى لضرب كره
وقال القاضي أبو الحسن بن لبّال: [مجزوء الرجز]
انظر إلى الهلال إذ ... لاح بهيّ المنظر
كزورق من فضة ... وسط لجين أخضر
أخذه من قول ابن المعتزّ: [الكامل]
أهلا بفطر قد أنار هلاله ... فالآن فاغد إلى المدام وبكّر
وانظر إليه كزورق من فضّة ... قد أثقلته حمولة من عنبر
وله أيضا: [المنسرح]
أهلا وسهلا بالنّاي والعود ... وشرب كأس بكفّ مقدود
قد انقضت دولة الصيام وقد ... بشّر مرأى الهلال بالعيد
يتلو الثريّا كفاغر شره ... يفتح فاه لأكل عنقود
وقد شبّهه ابن المعتزّ بقلامة الظفر، فأحسن حيث يقول: [البسيط]
وجاءني في قميص اللّيل مستترا ... يستعجل الخطو من خوف ومن حذر
ولاح ضوء هلال كاد يفضحه ... مثل القلامة قد قدّت من الظّفر
وأخذه من قول الأعرابيّ: [المتقارب]
كأنّ ابن مزنتها جانحا ... فسيط لدى الأفق من خنصر (١)
ابن مزنتها: الهلال. الفسيط: قلامة الظفر.
قوله: «غذوا»: أي ربّوا به وجعل غذاؤهم؛ واللّبان للآدميات، واللبن للآدميات وغيرهنّ. سحبوا: جرّوا. سحبان: فصيح العرب، وانظره في السادسة عشرة. ذيل اللسان: طرفه، يريد أنهم بفصاحتهم أنسوا ذكر سحبان، فكأنهم جرّوا عليه ثوب النسيان حتى غطّوه، فلم يذكره أحد من هؤلاء، وأصل ذلك أن يسحب ذيل الثوب على أثر ليخفى، كقول امرئ القيس: [الطويل]
* تعفّى بذيل الدّرع إن جئت موئلي*
وكقوله: [الطويل]
(١) البيت لعمرو بن قميئة في ملحق ديوانه ص ١٩٣، ولسان العرب (فسط)، وبلا نسبة في أساس البلاغة (فسط)، وجمهرة اللغة ص ٨٣٥، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٣٤، وكتاب الصناعتين ص ٢٢٣.