للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الحزم والرأي عاجز عن إدراك ما لم يقدّر له؛ وقال محمد بن الفضل: [الرمل]

هانت الدّنيا على اللّ ... هـ فأعطاها اللّئاما

فهم فيها يعيشو ... ن ويلحون الكراما

وقال المعريّ في معنى بيت الحريريّ: [الوافر]

ومن صحب الليالي علّمته ... خداع الإلف والقيل المحالا (١)

وغيّرت الخطوب عليه حتى ... تريه الذرّ يحملن الجبالا

وقال يزيد المهلبيّ يرثي المتوكل: [البسيط]

علتك أسياف من لا دونه أحد ... وليس فوقك إلا الواحد الصّمد

وأصبح الناس فوضى يعجبون به ... ليثا صريعا تندى حوله النّقد

وأخذ لفظ بيته من قول حبيب: [البسيط]

من لم يعاين أبا نصر وقاتله ... فما رأى ضبعا في شدقه سبع (٢)

فيم الشماتة إعلانا بأسد وغى ... أفناهم الصّبر إذ أبقاكم الجزع!

هكذا ينظم حرّ الكلام، ويعتذر لموت الكرام، وتنفى عنهم شماتة اللئام. وقد أحسن الاعتذار أيضا لأبي نصر بأغرب من هذا، وجعله قاتل نفسه، إذ لا نظير له في شجاعته فيقتله، وإنما قتله أمر الله الذي لا يغالب، كما قال أبو الطيب: [الطويل]

ألا إنّما كانت وفاة محمد ... دليلا على أن ليس لله غالب (٣)

وكذلك قوله: [الطويل]

فإن ترم عن عمر توانى به المدى ... فخانك حتى لم يجد فيك منزعا

فما كنت إلّا السّيف لاقى ضريبة ... فقطّعها حتى انثنى فتقطّعا

أي لم يقتل حتى قلت أعداءه، وأبو نصر هو محمد بن حميد قتله بابك الخرّميّ ومما قال فيه حبيب- وهو أشجع بيت قيل- قوله: [الطويل]

ونفس تعاف العار حتى كأنمّا ... هو الكفر يوم الرّوع أو دونه الكفر (٤)

فأثبت في مستنقع الموت رحله ... وقال لها: من تحت أخمصك الحشر

قوله: «الذنب للأيام»، نسب الذنب إليها لوقوع المكروه فيها كما تقدم. تنب:


(١) البيتان في سقط الزند ص ٨١.
(٢) البيتان في ديوان أبي تمام ص ٣٧٢.
(٣) البيت في ديوان المتنبي ١/ ١٠٩.
(٤) البيتان في ديوان أبي تمام ص ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>