ولا عطر بعد عروس، مثل يضرب لتأخير الشيء عن وقت الحاجة إليه، وأصله أن رجلا تزوّج امرأة فوجدها تفلة، فقال لها: أين عطرك؟ قالت: خبأته لغير هذا الوقت، فقال لها: لا مخبأ لعطر بعد عروس؛ وبهذا اللفظ روى أبو زيد الأنصاريّ المثل.
البكريّ: عروس رجل كانت عنده ابنة عمّ له، فمات عنها، فتزوّجها بعده ابن عمّ لها آخر، وهي كارهة، وانطلق بها إلى أهله وقد زوّدها طيبا في سفط، فمرّ بها بقبر عروس، فأقبلت تبكيه وترفع صوتها، وتقول: يا عروس الأعراس، ويا شديد الباس؛ مع أشياء لا يعلمها النّاس. فانتهرها زوجها، وقال: ما تلك الأشياء؟ فقالت: كان عن المكارم غير نعّاس، يعمل السيف صبيحة الباس. ثم قالت: يا عروس الأعراس الأزهر، الكريم المحضر، مع أشياء كانت تذكر؛ فازداد زوجها غضبا، وقال: ما تلك الأشياء؟
فقالت: كان عيوفا للخنا والمنكر، طيب النكهة غير أبخر، ثم أخذت السّفط وكسرته على قبر عروس، ثم قالت: لا عطر بعد عروس، فذهب مثلا. فقال زوجها: ارجعي إلى أهلك، أنت طالق، فقالت: إذا أنصرف مغتبطة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن عروسا هذا رجل من هذيل، وامرأته هذليّة اسمها أسماء.
قوله: «براعتك»، أي جودة تدبيرك. سلالة: ولد صغير كما سلّ من بطن أمه؛ ولهذا سمّي ولد الناقة عند النّتاج قبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى: سليل، ثم اتسعوا في السّلالة فقالوا: فلان كريم السّلالة. والخلالة: عود تنقّى به الأضراس من الطعام، شبّهت ولدها به في رقّته. ترقأ: تنقطع. الطّوى: الجوع، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يقوت» (١). تعجم: تختبر. دعواه: ما ادّعاه من الصّنعة، وعجمت العود:
عضضته بأسنانك لتعلم قوّته من ضعفه. وعيت: حفظت. قصص عرسك: حديث زوجك. برهن: أظهر حجّتك، والبرهان: الحجّة. لبسك. تخليطك والتباس أمرك.
أطرق: أمال رأسه إلى الأرض ساكتا. الأفعوان: ذكر الأفاعي، وهذا منقول من قول المتلمّس:
فأطرق إطراق الشّجاع ولو رأى ... مساغا لنابيه الشّجاع لصمّما
ووقع لنا في رواية «لناباه»، وهي لغة. شمّر: احتزم. العوان: التي قوتل فيها مرة بعد أخرى، وهي أشدّ، والمرأة العوان: التي علت في السن ولم تهرم. والعوان:
الثيّب، كانت ذات زوج أو لم تكن، وعوّنت المرأة تعوينا، والجمع عون. [المنسرح]
***
اسمع حديثي فإنّه عجب ... يضحك من شرحه وينتحب
(١) أخرجه أبو داود في الزكاة باب ٤٥، وأحمد في المسند ٢/ ١٦٠، ١٩٣، ١٩٤، ١٩٥.