للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحار لبّي لما منيت به ... من اللّيالي وصرفها عجب

وضاق ذرعي لضيق ذات يدي ... وساورتني الهموم والكرب

وقادني دهري المليم إلى ... سلوك ما يستشينه الحسب

فبعت حتى لم يبق لي سبد ... ولا بتات إليه أنقلب

وادّنت حتى أثقلت سالفتي ... بحمل دين من دونه العطب

ثمّ طويت الحثى على سغب ... خمسا فلمّا أمضّني السّغب

لم أر إلّا جهازها عرضا ... أجول في بيعه وأضطرب

***

من يعلق: معنى من استفهام. يرقب: يرعى. إلّ: قرابة، وإلّ: بقاء عهد.

وسبب: معرفة وصحبه، والسبب: العلم، ومنه: وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً [الكهف:

٨٤]؛ وأصله الحبل؛ ثم يستعمل في كل ما يربط شيئا بشيء، من كلام أو غيره.

عراصهم: مواضعهم، وأصل العرصة، فناء الدار. يقال: لبّ الرّجل يلبّ لبابة، ورجل ملبوب: موصوف باللّبابة، ولبّ كل شيء من الثمار ولبابه: داخله، ولبّ كل شيء:

خالصه. منيت: ابتليت وقدّر لي. صرفها: تقلّبها وتصرّفها بما يكره. ذرعي: كناية عن صدري وخلقي، وأصل الذّرع كيل الشيء بالذّراع؛ ثم صار مثلا، يقال: ضاق ذرعي بكذا إذا لم تحتمله وضاق تصرّفك فيه. ذات يدي، أي مالي. ساورتني: واثبتني.

الكرب: الهموم، وكرّرها لاختلاف اللفظ. المليم: الذي أتى بما يلام عليه. سلوك:

دخول. يستشينه: يستعيبه، والشّين: العيب. لبد: شيء لا قليل ولا كثير، وأصله الصّوف، وأكثر ما يستعمل مزدوجا مع سبد؛ يقال: ما عنده سبد ولا لبد، أي لا شعر ولا صوف، ويراد بها نفي الإبل والغنم، ثم صار نفيا لكلّ شيء من المال. بتات: زاد.

أنقلب: أرجع.

ادّنت: أخذت بالدّين، وفي حديث عمر: «فادّان معرضا» (١). والسالفة: صفحة العنق، يريد أن هذا الدّين لثقله ومقاساة همومه فوق العطب، والعطب: الذي هو الهلاك دونه في الشدّة. عائشة رضي الله عنها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله أن يذلّ عبده ابتلاه بالدّين وجعله في عنقه»، وقال أنس رضي الله عنه: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إياكم والدّين فإنه همّ بالليل ومذلّة بالنهار»، وروى جابر رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا همّ إلا همّ الدّين ولا وجع إلا وجع العين».

الحشى: أسقاط الجوف. سغب: جوع. أمضّني: أحرقني. جهازها: متاعها الذي


(١) حديث عمر رواه ابن الأثير الجزري في النهاية في غريب الحديث ٢/ ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>