للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو أسود، وأبوه عمرو بن سنان بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم السعديّ التميميّ.

وكان يسبق الخيل على رجليه، وكان من العدّائين ومن رجلي العرب- وهم الذين يسعون على أقدامهم، ويسبقون الخيل، فيستغنون بأرجلهم عنها- وكان من أشجع الناس، وكان لا يغير إلّا وحده، وكان يقال له: الرئبال:

وسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمرو بن معد يكرب، فقال: أيّ العرب كان أبغض لك أن تلقاه؟ فقال: أمّا من معدّ فعديّ بن فزارة ومرّة بن ذبيان وكلاب بن عامر وشيبان بن بكر وشقّ بن عبد القيس والأراقم من تغلب، ثم لم جلت بفرسي على مياه سعد ما خفت هيج أحد؛ ما لم يلقني حرّاها أو عبداها، قال: أما حرّاها فعامر بن الطفيل وعتيبة بن الحارث بن شهاب، وأما عبداها فعنترة الفوارس وسليك المقانب.

وأما عدوته المذكورة، فيقال: إنه أحاط به عدوّه فنزا نزوة عدّ فيها أربعا وعشرون خطوة، وعدّ أيضا في نزوة للشّنفري إحدى وعشرون خطوة.

ويقال في المثل: أعدى من الشّنفرى، وأعدى من السليك.

فأما الشّنفرى فإنه أغار على بجيلة مع تأبّط شرّا وعمرو بن براق، فرصدتهم بجيلة على الماء، فقال تأبّط شرّا: إنّ بالماء رصدا، فقالا: ليس عليه أحد، ولا بدّ من وروده، فورد الشّنفرى ثم عمرو، فقال تأبّط شرّا: القوم إنما يريدونني، فلذلك لم يعرضوا لكما، وإذا وردت أنا الماء فسيشدّون عليّ، ويأسرونني، فاذهب يا شنفرى، كأنك تهرب، وكن في أصل ذلك القرن، فإذا سمعتني أقول: خذوا خذوا، فتعال فأطلقني، وقال لعمرو:

إنّي سآمرك أن تستأسر لهم، فلا تبعد ولا تمكّنهم من نفسك. ثم ورد الماء، فشدّوا عليه، وكتفوه، وفعلا ما أمرهما، فقال: تأبّط شرّا: يا معشر بجيلة، هل لكم في أن تيسّروا فداءنا ونستأسر لكم ابن براق؟ قالوا: نعم. فقال يا عمرو: هل لك في أن تستأثر ويباشرونا في الفداء؟ قال: حتى أروّض نفسي شوطا أو شوطين، فجرى الأوّل كالريح، والثاني كالخيل، ثم أراد أن يجري ثالثا، فجعل يقع ويقوم فشلا؛ يطمعهم بذلك، فقال لهم تأبّط شرّا: خذوا خذوا، فأسرعوا إليه بأجمعهم، وهوى الشّنفرى كالريح فقطع وثاقه، ثم أحضروا ثلاثتهم، فنجوا، فقال تأبّط شرّا من قصيدة: [البسيط]

ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم ... بالعيكتين لدى عمرو بن برّاق (١)

لا شيء أسرع منّي غير ذي عذر ... أو ذي جناح بجنب الرّيد خفّاق


(١) البيتان لتأبط شرّا في ديوانه ص ١٣٢. والبيت الأول في لسان العرب (عيك)، ومجمل اللغة ٢/ ٤٣٠، وتاج العروس (برق)، (عيك)، وشرح اختيارات المفضل ص ١٠٨، ومعجم البلدان (العيكتان)، والمرصع ص ١٣٢، ويروى «معدى بن برّاق» بدل «عمرو بن برّاق».

<<  <  ج: ص:  >  >>