للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما منّي خلاف، فلا يكن لوعدك إخلاف، فنقده الوالي عشرين، ووزع على وزعته تكملة خمسين. ورقّ ثوب الأصيل، وانقطع لأجله صوب التّحصيل، فقال له: خذ ما راج، ودع عنك اللّجاج، وعليّ في غد أن أتوصّل، إلى أن ينضّ لك الباقي ويتحصّل، فقال الشّيخ: أقبل منك على أن ألازمه ليلتي، ويرعاه إنسان مقلتي، حتى إذا أعفى بعد إسفار الصبح، بما بقي من مال الصّلح، تخلّصت قائبة من قوب، وبرئ براءة الذّئب من دم ابن يعقوب، فقال له الوالي: ما أراك سمت شططا، ولا رمت فرطا.

قال الحارث بن همام: فلمّا رأيت حجج الشّيخ كالحجج السّريجيّة، علمت أنّه علم السّروجيّة.

***

قوله: «أليق» أي أشكل وأصقل. بالأقوى: بصاحب القوّة. والذي هو أقرب للتقوى، وهو العفو لقوله تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى [البقرة: ٢٣٧]. أقتفيه:

أتبعه. لا أقف لك فيه، أي لا أتوقّف فيما تشير به. تقصر: تكفّ. عن القيل والقال، أي عن كل كلام. أجتبي: أجمع. عرضا: كلّ ما ليس فيه روح من الأمتعة غير العين؛ وهو ليس بنقد من السّلع التي يتجر فيها من متاع ورقيق وغير ذلك. أتحمّل: أضمن، وفلان حميل بكذا، أي ضامن له. إخلاف: كذب وعد. نقده: أعطاه نقدا. وزّع: فرّق.

وزعته: شرطته الذين يكفون عنه الناس، واحدهم وازع مثل كافر وكفرة، وقد وزعته وزعا كففته، وأيضا دفعته. وقال الحسن البصريّ رحمه الله: لا بدّ للسلطان من وزعة.

الأصيل العشيّ. وثوبه: ضوء الشمس، وهو في ذلك الوقت رقيق. صوب: وقع، وصاب السهم صوبا وصيّبا: وقع بالرميّة، وصاب السحاب الموضع: أمطر. والتحصيل:

أن يحصّل بقية المال. راج: حضر وتيسّر، ويقال: راج الشيء روجا فهو رائج إذا جاء جاء سريعا. قوله: «إنسان مقلتي»، أي سواد عيني. يرعاه: يحفظه وينظره. أعفى: أتى بالبقيّة، والعفاوة: بقية المرق في القدر. تخلّصت: انفصلت. والقائبة: البيضة.

والقوب: الفرخ، وهذا مثل يضرب للرجلين يفترقان بعد الصّحبة، وجاء مقلوبا لأن الذي ينفصل ويخرج إما هو الفرخ من البيضة، والقوب، من تقوّب الشيء إذا انتشر، ومنه القوباء لداء الحزاز. وابن يعقوب هو يوسف عليهما السلام، وبراءة الذئب من دمه، هو ما يحكى أنّ إخوته لما جاءوا أبيهم يبكون على يوسف، علموا أنه لا يصدّقهم، فاصطادوا ذئبا فلطّخوه بدم، وأتوه يبكون، وقالوا له: هذا الذئب قد ضري، أكل أغنامنا وأكل يوسف أخانا، قال لهم: أطلقوه، ودعا الله يعقوب أن ينطقه له، فقال للذئب: ادن منّي، فجعل يبصبص بذنبه ويدنو منه، حتى وضع خدّه على فخذيعقوب، فقال له: لم

<<  <  ج: ص:  >  >>