قوله: «نفّس»، أي وسّع نفسه، كأنه خنق فضاق نفسه، فأمر بحلّه. أخي البث:
صاحب الحزن. نثّ: نطق وكشف له سره. رمّ: أصلح، وقد رممت الشيء رمّا أصلحته. الرثّ: الخلق.
ورش من ريشه انحصّ ... بما عمّ وما خصّ
ولا تأس على النّقص ... ولا تحرص على اللّم
وعاد الخلق الرّذل ... وعوّد كفّك البذل
ولا تستمع العذل ... ونزّهها عن الضّم
وزوّد نفسك الخير ... ودع ما يعقب الضّير
وهيّئ مركب السّير ... وخف من لجّة اليم
بذا أوصيت يا صاح ... وقد بحت كمن باح
فطوبى لفتى راح ... بآدابي يأتم
***
رش: اجعل له ريشا. انحصّ: نتف ريشه، تقول: رشت الرجل، أي أعنته وأغنيته. بما عمّ وما خصّ، أي بما كثر من العطيّة وقلّ. تأس: تحزن: على النّقص، أي على النقصان في الصّدقة والمعروف، ولا تكن أيضا حريصا على جمعه ومنعه فمن احتاج إليه، واللمّ: جمع المال، ولممت الشيء لمّا. الرّذل: الرديء، يريد: عاد أخلاق البخل، أو الخلق السوء.
عائشة رضي الله عنها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مسيء إلا وله توبة، إلا صاحب سوء الخلق لأنه لا يتوب من ذنب إلّا عاد في شرّ منه». والبذل: العطاء، وبذلت الشيء بذلا، أي أبحته عن طيب نفس. والعذل: اللوم، أي. من لامك على العطاء لا تسمعه وأعط، وأحسن ما قيل في ردّ العذل على كثرته قول زهير: [الطويل]
وأبيض فياض نداه غمامة ... على معتفيه ما تغبّ فواضله (١)
بكرت إليه غدوة فرأيته ... قعودا إليه بالصّريم عواذله
يفدّينه طورا، وطورا يلمنه ... وأعيا فما يدرين أين مخاتله
(١) البيت الأول في ديوان زهير بن أبي سلمى ص ١٣٩، وفيه «يداه غمامة» بدل «نداه غمامة»، والجنى الداني ص ٤٤١، وبلا نسبة في لسان العرب (غبب)، وتاج العروس (غبب)، (فضل)، والبيت الثاني في ديوان زهير ص ١٤٠، وفيه «بكرة فوجدته» بدل «غدوة فرأيته»، والأضداد ص ٤٢، ١٩٥، وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٤١، ولسان العرب (حرم)، وتاج العروس (صرم)، وبلا نسبة في مغني اللبيب ٢/ ٦٥٢.