للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرز يعدّ به التسبيح، وكانت لأبي هريرة رضي الله عنه سبحة من النوى المجزّع، وهو الذي حكّ حتى اختلف لونه. وفرغ من سبحته، أي من صلاته وما يتبعها من الذّكر.

ترجمة: علامة. النّشوان: السّكران. قيّد لحظه: ربط نظره، أي شخص فيهم. أرهف:

أحدّ. آن: حان وقرب، ويروى «ناء» مقلوب «آن». انكفاؤهم: انقلابهم ورجوعهم.

برح: انكشف. خفاؤهم: سرّهم.

ليفرخ كربكم: ليزول ويسكن، ومثل العرب: أفرخ روعك، ومعناه: انجلى وانكشف كما ينكشف ما في البيضة إذا انشق عن الفرخ. وقيل: معنى أفرخ، ذهب.

وقال الفارسيّ في التذكرة: معنى أفرخ روعك: صار له فرخ، وإذا أفرخ الطائر طار، لأنه فارق الحضن، وهذا قول حسن.

وقال عروة بن مضرّس: أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم بجمع قبل أن يصلّي الصبح، فقلت: يا رسول الله، طويت الجبلين، ولقيت شدّة، فقال: «أفرخ روعك، من أدرك إفاضتنا هذه فقد أدرك الحج»: وقال الأخطل يصف الثّور والكلاب: [الكامل]

حتّى إذا ما الثّور أفرخ روعه ... وأفاق أقبل نحوها يتذمّر (١)

أضما وهزّ لهنّ روقي رأسه ... إذ قد أتيح لهنّ موت أحمر

فقوله: «أفاق» بعد «أفرخ روغه» يدلّ على أنه أراد ذهب فزعه وزال ويتذمّر، يحضّ نفسه على الإقدام، يقال: ذمرته إذا حضضته. وأضما، أي غضبان، والموت الأحمر مذكور في المقامة بعد هذه. قوله: «كربكم» أي همكم سربكم، أي جمعكم، أي تأمنوا في نفوسكم. سأخفركم: سأجيركم. يسرو: يكشف ويزيل. روعكم: فزعكم. يبدو:

يظهر. طوعكم: منقادا لكم، وأراد سأجيركم بشيء يزيل عنكم الفزع، ويكون منقادا لكم، وذلك الشيء هو الكلمات التي يأتى بها.

***

قال الرّاوي: فاستطلعنا منه طلع الخفارة، وأسنينا له الجعالة عن السّفارة، فزعم أنّها كلمات لقّنها في المنام، ليحترس بها من كيد الأنام، فجعل بعضنا يومض إلى بعض، ويقلّب طرفيه بين لحظ وغضّ، وتبيّن له أنّا استضعفنا الخبر، واستشعرنا الخور، فقال: ما بالكم اتّخذتم جدّي عبثا؛ وجعلتم تبري خبثا! ولطالما والله جبت مخاوف الأقطار، وولجت مقاحم الأخطار، فغنيت بها عن مصاحبة خفير، واستصحاب جفير. ثمّ إنّي سأنفي ما رابكم، وأستسلّ الحذر الّذي


(١) البيتان في ديوان الأخطل ص ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>