للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «زر غبّا تزدد حبّا» (١).

نظمه الشاعر فقال: [الطويل]

إذا شئت أن تقلى فزر متواترا ... وإن شئت أن تزداد حبّا فزر غبّا

وقالوا: قلة الزيارة أمان من الملالة.

وقالوا في ضدّه: ترك الزيارة سبب القطيعة.

وقال عليّ رضي الله عنه: الصبر من كرم الطبيعة، والمنّ مفسدة الصنيعة، وترك التعاهد للصديق يكون داعية القطيعة.

وقال عبد الصمد بن المعذّل في ضدّ هذا: وأن يحافظ على الصداقة بظهر الغيب، ويمدح إبراهيم بن الحسن: [البسيط]

يا من فدت نفسه نفسي وقد جعلت ... له وقاء لمن يخشى وأخشاه

أبلغ أخاك وإن شطّ المزار به ... إنّي وإن كنت لا ألقاه ألقاه

وإنّ طرفي موصول برؤيته ... وإن تباعد عن مثواي مثواه

الله يعلم أني لست أذكره ... وكيف يذكره من ليس ينساه

لا شيء مما نرى إلا له شبه ... وما لكم آل إبراهيم أشباه

عذرا فهل حسن لم ينمه حسن ... وهل فتى عدلت جدواه جدواه

قال أبو العتاهية: [الكامل]

أقلل زيارتك الصّديق ولا تطل ... إتيانه فتلجّ في هجرانه (٢)

إنّ الصديق يلج في غشيانه ... لصديقه فيلجّ في عصيانه

حتى تراه بعد طول سروره ... وكأنه متبرّم بمكانه

وإذا تولّى عن صيانة نفسه ... رجل تنقّص واستخفّ بشأنه

وإفراط البرّ بالصاحب داع إلى كثرة الإخجال، ومانع من العودة بعد الانفصال.

وكتب ابن عمار إلى ابن زريق، وقد عتب عليه، أن اجتاز ببلده ولم يلقه هذه الأبيات: [البسيط]

لم يلوعنك عناني سلوة خطرت ... ولا فؤادي ولا سمعي ولا بصري

لكن عدتني عنكم خجلة عرضت ... كفاني العذر منها بيت معتذر


(١) رواه الزمخشري في الفائق في غريب الحديث ٢/ ٤١٧، وابن الأثير الجزري في النهاية في غريب الحديث ٣/ ٣٣٦.
(٢) الأبيات في ديوان أبي العتاهية ص ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>