للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعثوا أحدهم بورق يشتري لهم طعاما، ووصّوه أن يحترز حتى لا يشعر بهم أحد، فيدلّ عليهم فيحملوا إلى الملك الذي فرّوا منه أمس فيما ظنوا، فيرجمهم أو يرجعوا إلى دينه، فلمّا أتى باب المدينة، أنكر أن تكون هي التي خرج منها أمس في ظنه لأنها تغيّرت بمرور بعد زمان عليها، فأنكر أهلها. ثم أخرج الدراهم ليشتري طعاما، فقال له البائع: من أين لك هذه الدراهم؟ وأمسكه، فقال: خرجت أمس مع أصحاب لي فارّين من هذا الملكو دينه، فبتنا في كهف، وأصبحنا اليوم، فأرسلوني لأشتري لهم طعاما، فاستر علينا، فحمله الرّجل إلى ملك المدنية يسمع منه، وكان ملكا صالحا، نقصّ عليه القصة، فركب الملك في جملة من الناس ليطلعوا على أمرهم، فدخل على أصحابه، فوجدهم قد عادوا إلى نومهم، فضرب الله على أذنه معهم، فدخل النّاس فوجدوا أجساما لا ينكرون منها شيئا، وكأنهم مستيقظون يكلمونهم، غير أنها بغير أرواح، فقال لهم الملك: هذه آية الله إليكم، فبنوا عليهم مسجدا يصلون فيه.

***

فابتدر لعظم محنتي، صاحب ميمنتي، وقال: لم أخامل وقال ميامنه: كبّر رجاء أجر ربّك. وقال الّذي يليه: من يربّ إذا برّ ينم. وقال الآخر: سكت كلّ من نمّ لك تكس.

وأفضت النّوبة إليّ، وقد تعيّن نظم السّمط السّباعيّ عليّ فلم يزل فكري يصوغ ويكسر، ويثري ويعسر، وفي ضمن ذلك أستطعم، فلا أجد من يطعم، إلى أن ركد النّسيم، وحصحص التّسليم، فقلت لأصحابي: لو حضر السّروجيّ هذا المقام، لشفى الدّاء العقام، فقالوا: لو نزلت هذه بإياس، لأمسك على ياس.

وجعلنا نفيض في استصعابها، واستغلاق بابها، وذلك الزّور المعتري يلحظنا لحظ المزدري، ويؤلّف الدّرر ونحن لا ندري.

***

قوله: «لعظم محنتي» لعظم بليتي.

***

لم: من اللوم. ملّ: من الملل. كبّره: عظّم الكبير، وقدّمه على نفسك.

يربّ: يصلح. برّ: أكرم. ينم: يزيد خيره، وترتفع منزلته ونمى الشيء ينمي وينمو نماء، ونموّا ونميّا: زاد، قال الأصمعي: نميت.

حديث فلان إلى فلان أنميه، إذا بلغته على وجه الإصلاح وطلب الخير، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>