للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمسعر بن كدام يخاطب ابنه: [الكامل]

إنّي منحتك يا كدام نصيحتي ... فاسمع لقول أب، عليك شفيق (١)

أمّا المزاحة والمراء فدعهما ... خلقان لا أرضاهما لصديق

إني بلوتهما فلم أختّرهما ... لمجاور جار ولا لرفيق

قوله: «اسكن» الزم السكون والوقار. تقوّ: أراد تتقوى، يسعف: يساعد ويوافق.

نكس: قصّر بك، يقول: لا تبادر إلى الجدال، والزم السكون، حتى يتقوّى نظرك، ويظهر لك صوابك، فعسى يوافقك على الإصابة بحسن التدبير وقت كان يصرفك عن الصواب، لو التزمت الجدال.

ومن أعاجيب ابن الرومي قوله في ذم الجدال: [الكامل]

لأولي الجدال إذا غدوا لجدالهم ... حجج تضلّ عن الهدى وتجور

وهنّ كآنية الزجاج تصادمت ... فهوت وكلّ مكاسر مكسور

فالقاتل المقتول ثمّ لوهنه ... ولضعفه، والآسر المأسور

وقال من شعر يمازح صديقا له: [السريع]

لكنّ في الشيخ غريزية ... يخاصم الله بها في القدر

ما كان لم كان وما لم يكن ... لم يكن فهو كيل البشر

***

قال: فلمّا سحرنا بآياته، وحسرنا ببعد غاياته، مدحناه حتى استعفى، ومنحناه إلى أن استكفى.

ثمّ شمّر ثيابه، وازدفر جرابه، ونهض ينشد: [الكامل]

لله درّ عصابة ... صدق المقال مقاولا

فاقوا الأنام فضائلا ... مأثورة، وفواضلا

حاورتهم فوجدت سح ... بان لديهم باقلا

وحللت فيهم سائلا ... فلقيت جودا سائلا

أقسمت، لو كان الكرا ... م حيا، لكانوا وابلا

***

قوله: «سحرنا» تركنا مسحورين. بآياته. بعجائبه، يقال: إنّ فلانا آية من الآيات،


(١) الأبيات في حماسة البحتري ص ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>