للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مرضه كان كمثل البردة تقع من السماء في صفاء لونها» (١).

***

فوجدت لفوت لقياه، وانقطاع سقياه، ما يجده المبعد عن مرامه، والمرضع عند فطامه، ثمّ أرجف بأنّ رهنه قد غلق، ومخلب الحمام به قد علق، فقلق صحبه لإرجاف المرجفين، وانثالوا إلى عقوته موجفين: [المتقارب]

حيارى يميد بهم شجوهم ... كأنّهم ارتضعوا الخندريسا

أسالوا الغروب وعطّوا الجيوب ... وصكّوا الخدود وشجّوا الرءوسا

يودّون لو سالمته المنون ... وغالت نفائسهم والنّفوسا

***

قوله: «سقياه»، أي فوائده التي كان يسقيه بها. مرامه: حاجته. فطامه: قطعه عن الرضاع. أرجف: تحدث، والإرجاف: خوض الناس في الفتنة وحديثها. وغلق: كفّ، وكان من فعل الجاهلية أن يقول الراهن لمن يمسك رهنه: إن لم آتك إلى كذا فالرّهن لك فإن أتاه بالدّين بعد الأمد قال له: قد غلق الرهن.

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن، له غنمه وعليه غرمه» (٢).

المخلب: ظفر الطائر الصائد. الحمام: المنون. انثالوا. انصبّوا واندفعوا. عقوته:

موضعه وأصلها فناء الدار.

موجفين: مسرعين. حيارى: جمع حيران، والحيرة: التردّد في الأمر وعدم التّهدّي له، قال الواثق:

لا يك السّقم ولكن كان بي ... وبنفسي وبأميّ وأبي

قيل لي إنك صدّعت فما ... خالطت سمعي حتى دير بي

وقال آخر:

أنا مذ خبرت بالعلّ ... ة والله عليل

ليت حمّاك بجسمي ... ولك العمر الطويل

يميد: يميل. شجوهم: حزنهم. الخندريس: الخمر. أسالوا الغروب: أجروا الدموع، والغربة: الفيضة من الدمع، والجمع غروب: عطوا: شقوا. صكّوا: لطموا:


(١) أخرجه الترمذي في الطب باب ٣٤.
(٢) أخرجه ابن ماجة في الرهون باب ٣، ومالك في الأقضية حديث ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>