مرض يحيى بن خالد، فكان إسماعيل بن صبيح إذا دخل عليه يعوده وقف عند رأسه، ودعا له، ثم يخرج ويسأل الحاجب عن منامه وطعامه وشرابه. فلما أفاق قال: ما عادني إلا إسماعيل بن صبيح، ودعا له.
وممّن زاد على التخفيف فقطع الزيارة عبيد الله بن عبد الله بن ظاهر، مرض أخوه محمد بن عبد الله فلم يعده عبيد الله، فكتب له محمد: [الكامل]
إني وجدت على جفا ... ئك من فعالك شاهدا
إنّي اعتللت فما وجد ... ت سوى رسولك عائدا
ولو اعتللت فلم أجد ... سببا إليك مساعدا
لاستشعرت عيني الكرى ... حتى أعودك راقدا
فأجابه عبيد الله أخوه: [الخفيف]
كحلت مقلتي بشوك القتاد ... لم أذق مذ حممت طعم الرّقاد
يا أخي الحافظ المودّة والنّا ... زل من مقلتي مكان السّواد
منعتني عليك رقّة قلبي ... من دخولي عليك في العوّاد
لو بأذني سمعت منك أنينا ... لتفرّى من الأنين فؤادي
ومرض حماد عجرد، فعاده أصحابه إلا مطيع بن إياس، وكان خاصّا به، فكتب إليه يقول: [الوافر]
كفاك عيادتي من كان يرجو ... ثواب الله في صلة المريض
فإن تحدث لك الأيام سقما ... يحول جريضه دون القريض
يكن طول التأوّه منك عندي ... بمنزلة الطّنين من البعوض
فما نفسي عليك تذوب حزنا ... وما دمعي عليك بمستفيض
ولمحمد بن عبد الله في محبوب له مرض: [المنسرح]
ألبسك الله منه عافية ... تغنيك عن دعوتي وعن جلدك
سقمك ذا لا لعلة عرضت ... بل سقم عينيك دبّ في جسدك
فيا مريض الجفون أحي فتى ... قتلته بالجفون لا بيدك
وقال آخر في محبوب له تركت الحمّى على فيه أثرا: [المنسرح]
يا أملي كيف أنت من أملك ... وكيف ما تشتكيه من سقمك
هذان يومان لي أعدّهما ... مذ لم تلح لي بروق مبتسمك
حسدت حماك حين قيل لنا ... بأنها قبّلتك فوق فمك