للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كمّه، ودخل فأحضر السفرة والسنانير فألقى لها الوزير الفأرة، فاستبقت السنانير إليها، وتطاير الشمع حتى كاد البيت يضطرم عليهم نارا، فقال للملك: كيف رأيت غلبه الطبع للأدب! قال: صدقت ورجع له ما كان عليه أبوه. وقال ذو الإصبع: [البسيط]

كلّ امرئ راجع يوما لشيمته ... وإن تخلّق أخلاقا إلى حين

وقال المتنبي: [الطويل]

أبي خلق الدنيا حبيبا تديمه ... فما طلبي منها حبيبا تردّه؟ (١)

وأيسر مفعول فعلت تغيّرا ... تكلّف شيء في طباعك ضدّه

وقال العرجيّ: [البسيط]

يا أيّها المتحلّي غير شيمته ... ومن شمائله التبديل والملق (٢)

ارجع إلى خلقك المعروف ديدنه ... إنّ التخلّق يأتي دونه الخلق

وقال المتنبي أيضا: [المتقارب]

يراد من القلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على الناقل (٣)

وقال الشريف: [الكامل]

هيهات لا تتكلفنّ لي الهوى ... فضح التطبّع شيمة المطبوع (٤)

وقال ابن طاهر الأندلسي: [البسيط]

نقل الطباع من الإنسان ممتنع ... صعب إذا رامه من ليس من أربه

يريد شيئا وتأباه طبائعه ... والطّبع أملك للإنسان من أدبه

فيريد أنه راض نفسه على اتباع الخير وبعد الشرّ، حتى انقادت له إلى ما يريد، والتطبّع استعمال غير ما في طبعك، والتكلّف استعمال ما لا تقدر عليه إلا بمشقة.

***


(١) البيتان في ديوان المتنبي ٢/ ١٩.
(٢) يروى البيت:
يا أيها المتحلّي غير شيمته ... إنّ التخلّف يأتي دونه الخلق
وهو لسالم بن وابصة في لسان العرب (خلق)، وتاج العروس (خلق)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٧١٠، ورواية صدر البيت فيه:
عليك بالقصد فيما أنت فاعله
والبيت بلا نسبة في ديوان الأدب ٢/ ٤٥٦، وزهر الأكم ١/ ١٤٨.
(٣) البيت في ديوان المتنبي ٣/ ٢٢.
(٤) البيت في ديوان الشريف الرضي ١/ ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>