للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فظلّ القوم بين عبرة يذرونها، وتوبة يظهرونها؛ حتّى كادت الشّمس تزول، والفريضة تعول. فلمّا خشعت الأصوات، والتأم الإنصات، واستكنّت العبرات والعبارات؛ استصرخ مستصرخ بالأمير الحاضر، وجعل يجأر إليه من عامله الجائر، والأمير صاغ إلى خصمه، لاه عن كشف ظلمه.

فلما يئس من روحه، استنهض الواعظ لنصحه؛ فنهض نهضة الشّمّير، وأنشد معرّضا بالأمير.

***

قوله: «عبرة يذرونها»، أي دمعة يصبّونها. وتعول: تزيد وتضيق، يريد يضيق وقتها، ويدخل عليها وقت غيرها فترجع صلاتين. خشعت: ذلّت. التأم الإنصات: اتّصل السكوت. استكنّت العبرات والعبارات، أي سكن البكاء والكلام. استصرخ مستصرخ، أي استغاث مستغيث. يجأر: يصيح. يريد أنّ رجلا تشكّى للأمير من عامل له ولّاه عليهم، فجار، فمال الأمير مع الوالي، وترك المشتكي. وقوله: صاغ، أي مائل. ولاه:

أي تارك ومشتغل. يئس: قطع رجاءه. روحه: نصرته وعدله الذي يريح المشتكي، والرّوح: الفرح والسرور. استنهض: سأله النهوض لينصح الأمير.

عائشة رضي الله عنها: قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من كان ذا وصلة لأخيه المسلم إلى السلطان في مبلغ برّ، وتيسير عسير، أعانه الله على إجازة الصراط: يوم دحض الأقدام».

الشّمّير: الماضي في أموره: معرّضا: من التعريض وهو أن تخاطب غيره وأنت تريده.

***

[الكامل]

عجبا لراج أن ينال ولاية ... حتّى إذا ما نال بغيته بغى

يسدي ويلحم في المظالم والغا ... في وردها طورا وطورا مولغا

ما إن يبالي حين يتّبع الهوى ... فيها أأصلح دينه أم أوتغا

يا ويحه لو كان يوقن أنّه ... ما حالة ألّا تحول، لما طغى

أو لو تبيّن ما ندامة من صغا ... سمعا إلى إفك الوشاة لما صغا

فانقد لمن أضحى الزمام بكفّه ... وتغاض إن ألغى الرّعاية أولغا

وارع المرار إذا دعاك لرعيه ... ورد الأجاج إذا حماك السّيّغا

واحمل أذاه ولو أمضك مسّه ... وأسال غرب الدّمع منك وأفرغا

<<  <  ج: ص:  >  >>