للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسيء عفّا فإن أكدت وسائله ... أجاد لصّا شديد البأس والكلب

حيّ يغير على الموتى فيسلبهم ... حرّ الكلام بجيش غير ذي لجب

وقال فيه ابن الحاجب: [الخفيف]

والفتى البحتريّ يسرق ما قا ... ل ابن أوس في المدح والتّشبيب

كلّ بيت له يجوّد معنا ... هـ فمعناه لابن أوس حبيب

ولابن الحاجب أيضا: [الخفيف]

هل إلى محنة تخبر من فا ... ضلنا في القريض والمفضول

محنة تفضح اللصوص وتقضي ... بالّذي فيهم قضى التنزيل

سارق المال تقطع الكفّ منه ... واللسان السروق منها بديل

ليسود الذي يحق له السو ... دد منّا ويرذل المرذول

وبلغ الصاحب بن عبّاد أن بعضهم سرق شعره، فقال أبلغوه عني: [مجزوء الخفيف]

سرقت شعري وغيري ... يضام فيه ويخدع

فسوف أجزيك صفعا ... يكلّ رأسا وأخدع

فسارق المال يقطع ... وسارق الشّعر يصفع

فاتخذ السارق لذلك جملا وهرب من الرّيّ.

وبين السريّ الموصليّ والخالديين مستظرفات في هذه السرقات، اشتهرت في كتب الآداب، فلنلمّ ببعض ما قال السري فيهما وفيه يقول الثعالبيّ: السريّ وما أدراك ما السريّ، صاحب الشّعر الجامع بين عقود الدرّ، والنافث في عقد السّحر؛ ولله درّه! ما أعذب بحره، وأصفى قطره، وأعجب أمره! وقد أخرجت من شعره ما يكتب على جبهة الدّهر، ويعلّق في كعبة الظرف. وكتبت منه محاسن وملحا، وبدائع وطرفا، كأنها أطواق الحمام وصدور البزاة البيض، وأجنحة الطواويس وسوالف الغزلان، ونهود العذارى الحسان، وغمزات الحدق الملاح.

قال يتظلّم إلى سلامة بن فهد من الخالديين: [الطويل]

تحيّف شعري يا بن فهد مصالت ... عليه فقد أعدمت منه وقد أثرى

وفي كل يوم للغبيّين غارة ... تروّع ألفاظي المحجّلة الغرّا

إذا عنّ لي معنى تضاحك لفظه ... كما ضاحك النوّار في روضه الغدرا

غريب كنشر الرّوض لمّا تبسمت ... مخائله للفكر أودعته سطرا

فوجه من الفتيان يمسح وجهه ... وصدر من الأقوام يسكنه الصّدرا

<<  <  ج: ص:  >  >>