قال أبو العيناء: وقف علي غلام يسألني ما أحسبه بلغ الحلم ولا قاربه وخرج غلام لي أسود قد اغتسل، وهو يرعد، وكان خبيثا، فأومأت إلى الأسود فقلت:[الرجز]
كأنه ذئب غضى أزلّ
فقال الغلام:[الرجز]
باب النّدى يضربه والطّلّ
فوصلته بدارهم وانصرف.
واجتاز ابن أبي الخصال من بلده شقورة بآبدة، وهو صبيّ صغير يطلب الأدب، فأضافه بها القاضي ابن مالك، ثم خرج معه إلى حديقة معروشة، فقطف لهم منها عنقودا أسود، فقال القاضي:[مجزوء الرجز]
انظر إليه في العصا
فقال ابن أبي الخصال:[مجزوء الرجز]
كرأس زنجيّ عصا
فعلموا أنه سيكون له شأن في البيان.
ومثل ذلك ما حدّثني به الشيخ الفقيه أبو الحسين بن زرقون عن أبيه أبي عبد الله أن أبا بكر بن المبجل وأبا بكر بن الملاح الشبليين، كانا متواخيين متصافيين، وكان لهما ابنان قد برعا في الطلب، وحازا قصب السبق في حلبة الأدب، فتهاجى الابنان بأقذع هجاء، فركب ابن المبجل في سحر من الأسحار مع ابنه عبد الله فجعل يعتبه على هجاء ابن الملاح، ويقول له: قطعت ما بيني وما بين صفيي أبي بكر بإقذاعك في ابنه، فقال له ابنه: إنه بدأني، والبادئ أظلم، وإنما يجب أن يلحى من بالشّر تقدّم، فعذره أبوه؛ فبينما هما على ذلك إذ أقبل على واد تنقّ فيه ضفادع، فقال أبو بكر لابنه أجز:[الوافر]
تنقّ ضفادع الوادي
فقال ابنه:
بصوت غير معتاد
وهو مملط، صدره لامرئ القيس، وعجزه للتوأم اليشكري في ديوان امرئ القيس ص ١٤٧، ولسان العرب (مجس) وتاج العروس (ملط)، وهو لامرئ القيس في شرح شواهد الإيضاح ص ٤٣٨، والكتاب ٣/ ٢٥٤، وبلا نسبة في لسان العرب (مجس)، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٦٠، والمقرب ٢/ ٨١.