للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو تمام: [الطويل]

يمدّون من أيد عواص عواصم ... تطول بأسياف قواض قواضب (١)

وقال المعرّي: من اتقى الله فهو السالم الساري.

وقال ابن عمار: [الطويل]

إذا ركبوا فانظره أوّل طاعن ... وإن نزلوا فانظره آخر طاعم

وباب التجنيس فاق الناس فيه حبيب، والناس له تبع، كما انفرد بحسن القطع في آخر قصائده، فلا يكاد الشاعر الماهر يزيد بيتا في آخر قصائده في الغالب.

كما انفرد الحسن بحسن الابتداء فله ابتداءات لا يجاري فيها، كما انفرد ابن المعتز بجودة التشبيه يكاد على كثرته في شعره ألا يسقط له تشبيه واحد، كما انفرد المتنبي بلطف التخلص من التغزّل إلى المدح، ومن تجنيس حبيب قوله: [الطويل]

عداك حرّ الثغور المستضامة عن ... برد الثغور وعن سلسالها الحصب (٢)

السلسال العذب والحصب: الجاري على الحصباء؛ شبه الريق به، ففي هذا البيت من صنع البديع التجنيس والطباق والتتميم والترديد والتبليغ، وتأتي هذه الأنواع في هذا الفصل، وحبيب أكثر الناس استعمالا لصنع البديع، ومن شعره يتعلّم، وقال أيضا:

[البسيط]

كم نيل تحت سناها من سنا قمر ... وتحت عارضها من عارض شنب (٣)

وقال أيضا: [الكامل]

يا من تدمّي عينه تلك الدمى ... فيه ويقمر ليلة الإقمار

أخذه البحتري فقال: [البسيط]

جافي المضاجع لا ينفكّ في لجب ... يكاد يقمر من لألائه القمر (٤)

وأنشد أبو علي الفارسي في نوادره لأبي الغول الطهوي يصف سحابا: [الخفيف]

وقري كلّ قرية كان يقرو ... ها قرى لا يجفّ منه القرى

وفي المقامات من التجنيس كثير، وفي هذا الشرح منه ما يستظرف ويستبدع، فمما يستحسن منه قول السريّ يمدح سيف الدولة: [الوافر]

أغرّتك الشّهاب أم النهار ... وراحتك السحاب أم البحار

خلقت منيّة ومنى فأضحت ... نمور بك البسيطة أو تمار


(١) البيت في ديوان أبي تمام ص ٤٢.
(٢) البيت في ديوان أبي تمام ص ١٠.
(٣) ديوان أبي تمام ص ١١.
(٤) البيت في ديوان البحتري ص ٩٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>