ففعل، فاستودعه بنته وأدراعه الخمس، وهي الفضفاضة، والصافية، والمحصنة، والحريق، وأم الذيول، وكنّ لبني آكل المرار، وهم أجداده يتوارثن ملكا عن ملك.
فمضى إلى قيصر، وأقام عنده حتى جهزه بجيوش، ثم بعث له بالحلّة المسمومة، فلما لبسها تقطع لحمه، ومات. فلما بلغ خبر موته المنذر قصد تيماء حصن السموأل، فبعث إليه أن يعطيه أدراع امرئ القيس وما ترك عنده من المال، فقال له: إنما أدفع ذلك لابنته ولورثته، فحاصره في الحصن، حتى أخذ ابنا له صغيرا، فقال للسموأل إما أن تعطيني ما ترك امرؤ القيس أو أقتل ابنك وأنت تنظر إليه، فقال له: والله لا وفيت له في حياته، وأغدره بعد وفاته! اذهب، فشأنك يا بني فافعل به ما شئت، فذبحه وهو ينظر إليه، ولم يرض بالغدر، فلما جاء الموسم ذهب بالدروع فدفعها لابنته وورثته، وقال:[الوافر]
وفيت بأدرع الكنديّ إني ... إذا ما خان أقوام وفيت
وقالوا إنه كنز عظيم ... ولا والله أغدر ما حييت
بنى لي عاديا حصنا حصينا ... وبئرا كلّما شئت استقيت
فضرب به المثل في الوفاء. وانظر في الثلاثين ابتداء الحكاية.