يبكي فيضحك نورهنّ، فيا له ... ضحك تحسّر عن بكاء سحاب
وترى السماء إذا أجدّ ركابها ... فكأنما التحفت جناح غراب
وترى الغصون إذا الرياح تأرّجت ... ملتفّة كتعانق الأحباب
ولأبي زرعة الدمشقي: [الطويل]
وقد أخذت زهر الرّياض حليّها ... وألبست الأرض الفضاء الزخارف
لجين وعقيان يروق وجوهر ... تؤلّفه أيدي الربيع اللطائف
تهادي التلاع الغور مسكا وعنبرا ... تؤديه أنفاس الرياح العواصف
كأنّ أباريق المدامة بينها ... من المنظر الأعلى ظباء رواعف
ولبكر بن حماد: [المتقارب]
فسقيا لأيّامنا الذاهبات ... لقد فارقتنا بصفو الهوى
وهذا الربيع وريعانه ... يجدّد عهدا لها قد مضى
يذكّرني الورد حمر الخدود ... ولعس الشّفاه إذا ما بدا
وسوسنه صحن خد الفتا ... ة إذا برزت لمحبّ أتى
ونشر الرّياح رياح الحبيب ... تباعد موعده أو دنا
يجود بها الطّلّ وشي النّبات ... وينظمه بلآلي النّدى
ولمحمد بن يزيد: [البسيط]
وروضة صنف النوّار جوهرها ... فيها كما شئت من حسن ومن طيب
كأنّ ما تجتنيه من زخارفها ... أخلاف مستحسن الأخلاق محبوب
ما انفك للعين فيها أعين ذرف ... تبكي بدمع من الأنواء مسحوب
حتى كأن أفانين النّبات بها ... على الميادين ألوان اليعاسيب
كأنّ غدرانها بالروض محدقة ... تحبير ثوب من الموشيّ مخضوب
وقال كشاجم: [الوافر]
إلى الرّوض الذي قد زينته ... شآبيب السّحائب بالبكاء
بكين عليه فابتهجت رباه ... تباهى في زخارف نسج ماء
كأن الأقحوان بجانبيه ... عذارى يبتسمن من الحياء
وقال ابن الزّقاق: [البسيط]
وحدائق خضر المعاطف ألبست ... من حسن بهجتها ثياب زبرجد (١)
(١) البيتان في ديوان ابن الزقاق ص ١٤٠.