لست أدري ماذا أقول وأشكو ... من سماء تعوقني عن سماء
غير أني أدعو على تلك بالثّك ... ل وأدعو لهذه بالبقاء
فسلام الإله أهديه منّي ... لك غضّا يا سيّد الوزراء
كان لابن عبد ربه فتى يهواه، فأعلمه أني راحل غدا، فلما أصبح عاقه عن السفر تكاثر المطر، فانجلى عن ابن عبد ربه همّه، وكتب إليه: [البسيط]
هلّا ابتكرت لبين أنت مبتكر ... هيهات يأتي عليك الله والقدر
ما زلت أبكي حذار البين ملتهبا ... حتى رثا لي فيك الريح والمطر
يا برده من حيا مزن على كبد ... نيرانها بغليل الشّوق تستعر
آليت ألّا أرى شمسا ولا قمرا ... حتى أراك، فأنت الشمس والقمر
وعد ابن رشيق محبوبه الصائغ أن يكون عنده يوم عيد فصلّى وارتقبه، فإذا بالسماء قد أرعدت وأبرقت، فكتب إليه: [البسيط]
تجهّم العيد وانهلّت مدامعه ... وكنت أعهد منه البشر والضّحكا
كأنه جاء يطوي الأرض من بعد ... شوقا إليك فلما لم يجدك بكى
وكتب السّلاميّ إلى أصحابه والمطر قد قطعه عنهم: [الوافر]
قطعتكم برغم المجد شهرا ... أشدّ عليّ من شهر الصّيام
وكيف أزوركم والمزن تبكي ... على داري بأربعة سجام
وكانت منزلا طلق الحميّا ... فصارت واديا صعب المرام
تهافت ركّع الجدران فيها ... سجودا للرّعود بلا إمام
أنادي كلما ارتفعت سحاب ... فأبكتنا البوارق بابتسام
حوالينا بذاك ولا علينا ... كفانا الله شرّك من غمام
كنّ، أي بيت. كيس: وعاء الدراهم. كانون: حيث تجعل النار فيه. طلا: خمر.
كباب: لحم يشرح ويشوى، وكبّبته: فعلت ذلك به، وقيل: الكباب قطع الكرش تلوي عليها المصارين، وأراد بها هاهنا شواء اللحم. والكسّ: اسم فرج المرأة وليس بعربي، قال الفنجديهي رحمه الله تعالى: سمعت بعض الفضلاء يقول: كتب ابن سكّرة في يوم مطر إلى صديق له: [البسيط]
يوم مطير وعندي من خواطره ... سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا
حروف كافاتها فيها مقومة ... إذا تلاها الفتى ذو اللبّ أو درسا
لنّ وكيس وكانون وكأس طلا ... مع الكباب وكسّ ناعم وكسا
فلو مطرت البحار الدّهر لم ترني ... أقول: أحسن هذا اليوم بي وأسا