للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غصون الزّبرجد قد أورقت ... بها فضة نوّرت بالذّهب

وقال القاضي أبو الحسن بن لبّال: [الرمل]

وبهار يحكى كئوس لجين ... حملتها أنامل من زبرجد

سامرتها الكواكب الزّهر حتى ... سمّرت وسطها كواكب عسجد

وأنشدني بعض أشياخنا: [الكامل]

انظر إلى حسن البهار وغنجه ... يرنو إليك بمقلتي وسنان

فكأنما هي راحة من فضّة ... قد ضمّنت كأسا من العقيان

وكأنّ نشر نسيمه غبّ النّدى ... يأتيك بالأنفاس من بغدان

والّذي تسميه أهل المغرب نرجسا يسمّيه أهل المشرق بهارا، ولذلك قال الحريريّ في العاشرة: «ووردتي بالبهار»، دعا فيها على الغلام بالحمّى، وأن ينعكس حمرة خدّه صفرة، وقال حبيب في ذلك: [الخفيف]

إنّ وجه الحمّى لوجه صفيق ... حين تسطو به نهارا جهارا

لم تشن ورد وجنتيه ولكن ... صيّرت ورد وجنتيه بهارا

وبلون النرجس يشبّه أهل الأندلس المريض.

وقال أبو بكر الأبيض: [البسيط]

يا شاكيا صدّني عن مسّه ألمي ... طال اشتياقي به ليلا فلم أنم

تضاءل الدّهر إشفاقا على قمر ... رقيبه في سماء المجد والكرم

لم أرض قلبي مكانا إذ حللت به ... حتى خلطتك في سودائه بدمي

أنت البهار ولا أدري متى خلعت ... عليك أيدي اللّيالي نرجس السّقم

ولابن الزقّاق: [الرمل]

وغزال ذي اعتدال شفّه ... بعد ما شقّ هواه الأنفسا

جارت الحمّى على وجنته ... فاستحال الورد منه نرجسا

فثبت بما قدمناه، أنّ نرجسهم بهارنا، وأن بهارهم نرجسنا. وآكد ما يدلّ على صحته اشتراك البيت الذي أنشده أبو الفرج على النّرجس مع بيت ابن برد في لفظ واحد، أخذ ابن برد منه صفة النرجس، فقلبه لاسم البهار حين نظمه.

واعلم أن تشبيه العين بنرجسهم أبين لتعلّقهم بالصورة، وأن تشبيهها بنرجسنا أدون لتعلّقه بالمعنى، وهو مع ذلك متمكّن في باب التشبيه، وأنّاسم النرجس لا بدّ فيه من صفرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>