للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: وبعقوته يلبّ، أي بمنزله يقام لحماية الممدوح من يلوذ به وإكرامه له. وقربه تحف، أي من قرب منه أتحفه وهاداه، ومن بعد منه فقد الأمن فهلك. والنأي: البعد، ولمّا كان القرب سببا للتّحف والنأي سببا للتلف، جعل نفس القرب والبعد هما الحياة والموت. خلّته: صداقته. نسب، أي هو للصديق بمنزلة النسيب، قيل لبزرجمهر: من أحبّ إليك: أخوك أم صديقك؟ فقال: لا أحبّ أخي إلا إذا كان صديقي. وقال أكثم بن صيفي: القرابة تحتاج إلى مودّة، والمودة لا تحتاج إلى قرابة. وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: القرابة قد تقطع، والمعروف قد يكفر، وما رأيت كتقارب القلوب، أخذه ابن مناذر فقال: [الخفيف]

قد يقطع الرحم القريب وتك ... فر النّعمى ولا كتقارب القلبين

يدني الهوى هذا، ويدني ذا هوى ... فإذا هما نفس ترى نفسين

أخذه أبو تمام فحسّنه فقال: [الطويل]

فإنّ الفتى في كلّ حال مناسب ... مناسب روحانية من يشاكل (١)

ولن تنظم العقد الكعاب لزينة ... كما تنظم الشمل الأشتّ الشمائل

وقد تقدّم حديث: «الأرواح جنود مجندة» (٢)، ونظم الحسن له.

وقال الشاعر: [الكامل]

لا خير في قربى بغير مودّة ... ولربّ منتفع بودّ أباعد

وإذا وجدت من البعيد مودّة ... فامدد له كفّ القبول بساعد

قوله: وقطيعته نصب، أي عداوته همّ وتعب، وقد قال أبو تمام: [الطويل]

وإلا فأعلمه بأنك ساخط ... ودعه فإنّ الخوف لا شك قاتله (٣)

غربه: أي حدّه. ذلق، أي حادّ. شهبه: نجومه، يعني أخلاقه ومكارمه. تأتلق:

تضيء وظلفه: منعه وكفه، وظلفت نفسي عن الشيء: منعتها منه. زان: يزين، يقول إن قمعه من تجاوز قدره ومنعه من سأل ما لا يحبّ زيّن بالممنوع، وشرّف بالمقموع، فتأديب الملوك لا عار به، وإنما العار أن يهينك كفؤك، ومن لا حكم له عليك. وقال المتنبي: [الطويل]

ومن شرف الإقدام أنك فيهم ... على القتل موموق كأنّك شاكد (٤)


(١) البيتان في ديوان أبي تمام ص ٢٥٦.
(٢) أخرجه البخاري في الأنبياء باب ٢، ومسلم في البر حديث ١٥٩، ١٦٠، وأبو داود في الأدب باب ١٦، وأحمد في المسند ٢/ ٢٩٥، ٥٢٧، ٥٣٧.
(٣) البيت في ديوان أبي تمام ص ٢٣٢.
(٤) البيتان في ديوان المتنبي ١/ ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>