للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: جلس، قال الخليل: يقال لمن كان قائما: اقعد، ولمن كان نائما أو ساجدا:

اجلس، وهذا صحيح لأنّ القعود هو الانتقال من علو إلى سفل، ولهذا يقال لمن أصيب برجله: مقعد، والجلوس هو الانتقال من سفل إلى علو، ورجل جالس: آت نجدا، وهو المكان المرتفع. وذكره الحريري في الدرّة. ختم: أكمل.

***

ثمّ قام وقال: الحمد لله الممدوح الأسماء، المحمود الآلاء، الواسع العطاء، المدعوّ لحسم اللأواء، مالك الأمم، ومصوّر الرّمم، وأهل السّماح والكرم، ومهلك عاد وإرم، أدرك كلّ سرّ علمه، ووسع كلّ مصرّ حلمه، وعمّ كلّ عالم طوله، وهد كلّ مارد حوله. أحمده حمد موحّد مسلم، وأدعوه دعاء مؤمّل مسلّم، وهو الله لا إله إلّا هو الواحد الأحد، العادل الصّمد، لا ولد له ولا والد، ولا ردء معه ولا مساعد، أرسل محمدا للإسلام ممهّدا، وللملّة موطّدا، ولأدلّة الرّسل مؤكّدا، وللأسود والأحمر مسدّدا.

***

قوله: الآلاء، أي النعم الواسعة الكثيرة. حسم اللأواء: قطع الشدة. الرّمم:

العظام البالية. مصورها: منشئ صورها، وأراد قوله تعالى: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ [الأنعام: ٦]، عاد وإرم: أمّتان قديمتان، وقيل: إرم قبيلة من عاد فيها مملكة عاد. وقيل إرم: اسم لقبائل كثيرة، كالعماليق وطسم وجديس هلكوا، وهم من ولد إرم ابن سام بن نوح، ومن لم يصرف إرم جعله اسما للقبيلة. وقال سابق البربريّ في ذهاب الأمم: [البسيط]

وكيف يأمن ريب الدهر مرتهن ... بعدوة الدّهر إن الدهر عدّاء

ألقى على الجيل من عاد كلاكله ... وقوم هود فهم هام وأصداء

وقال أيضا: [البسيط]

أين الملوك التي عن خطبها غفلت ... حتى سقاها بكأس الموت ساقيها

غرّت زمانا بملك لا دوام له ... جهلا كما غرّ نفسا من يمنّيها

وصبّحت قوم عاد في ديارهم ... بمقطع يوم عادتهم عواديها

وتبّعا وثمود الحجر غادرهم ... ريب المنون رميما في مغانيها

فكيف يبقى على الأحداث غابرنا ... كأننا قد أظلّتنا دواهيها

وقال الإلبيريّ: [الكامل]

أين الملوك وأين ما جمعوا وما ... ذخروه من ذهب المتاع الذاهب

<<  <  ج: ص:  >  >>