وهي قفيفة تشبه الزّنبيل، يخترف فيها الرّطب، أي يجتنى فيها. قطيفة: نوع من البسط.
دكّة: هي الدكان.
***
فرابني عنوان الصّحيفة، ومرأى هذه البدعة الطّريفة، ودعاني التّطيّر بتلك المناحس، إلى أن عمدت لذلك الجالس؛ فعزمت عليه بمصرّف الأقدار، ليعرّفني من ربّ هذه الدار، فقال: ليس لها مالك معيّن، ولا صاحب مبيّن، إنما هي مصطبة المقيّفين والمدروزين، ووليجة المشقشقين والمجلوزين. فقلت في نفسي:
إنا لله على ضلّة المسعى، وإمحال المرعى؛ وهممت في الحال بالرّجعى، لكنّي استهجنت العود من فوري، والقهقرة دون غيري، فولجت الدّار متجرّعا الغصص، كما يلج العصفور القفص، فإذا فيها أرائك منقوشة، وطنافس مفروشة، ونمارق مصفوفة، وسجوف مرصوفة، وقد أقبل المملك يميس في بردته، ويتبهنس بين حفدته، فحين جلس كأنّه ابن ماء السّماء، نادى مناد من قبل الأحماء: وحرمة ساسان، أستاذ الأستاذين، وقدوة الشحّاذين، لا عقد هذا العقد المبجّل، في هذا اليوم الأغرّ المحجّل، إلّا الذي جال وجاب، وشبّ في الكدية وشاب.
***
رابني: شككني وخوّفني. عنوان: دليل. الصحيفة: الكتاب، أراد تطيّرت بتلك المخارف، وأراد أنها دار خيبة وحرمان. وكان ابن همام في هذه القصة طفيليّا على ما وصف به نفسه من الرفاهية، وربما يتولّع أهل الظرف والأدب بمثل هذا، فقد حكينا عن إبراهيم بن المهديّ وإسحاقالموصليّ مثل هذا في أخبار الطفيليين على منادمتهما للخلفاء وكثرة أموالهما.
البدعة: الشيء المبدع الذي لم يفعل قبله مثله. والطريفة: الغريبة المستظرفة.
التطيّر: التشاؤم. المناحس: جمع منحوس وهو الذي لا يفارقه النحس، وأراد به المخارق والأطمار التي قدم. مصرّف الأقدار: هو الله تعالى. ربّ الدار: مالكها أو الناظر في إصلاحها ما ذكره ممّا لا يفهم له معنى فهو بسطة المكدين. وقيل المقيفون جمع مقيف، وهو الذي يقفو آثار الناس، أي يتبعهم يطلب لهم شيئا، ويدعو لهم.
والمدروزين: المكدين، ودروزة كلمة أعجمية معناها الكدية. والمشقشق: الذي يحاكي أصوات الطيور فتجتمع إليه فيصطادها. والمجلوز والجلواز: الشرطيّ الذي يتصرّف حول السلطان.
قوله: وليجة، أي مدخل، والوليجة: الموضع الذي يلج الإنسان فيه، أي يدخله