لاعترافه بأنه لا يعرف كتابا ولا سنة، فإذا زعم أنه حكم برأيه؛ فقد أقر على نفسه أنه حكم بالطاغوت.
وللسيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير رسالة مستقلة في تيسير الاجتهاد سماها:" إرشاد النقاد "، فليرجع إليها.
أقول: الحاصل أن المقلد ليس ممن يعقل حجج الله إذا جاءته؛ فضلا عن أن يعرف الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، والراجح من المرجوح.
بل لا ينبغي أن ينسب المقلد إلى العلم مطلقا، ولهذا نقل عضد الدين الإجماع على أنه لا يسمى المقلد عالما (١) .
وأما ما صار يستروح إليه من جوز قضاء المقلد من قلة المجتهدين في الأزمنة الأخيرة، وأنه لو لم يل القضاء إلا من كان مجتهدا لتعطلت الأحكام! فكلام في غاية السقوط، فالمجتهدون في كل قطر، ولكنهم في زمان غربة:
فمنهم من يخفي اجتهاده مخافة صولة المقصرين.
ومنهم من يحتقره المقلدون عن أن يكون مجتهدا لضيق أعطانهم، وحقارة عرفانهم، وتبلد أذهانهم، وجمود قرائحهم، وخمود أفكارهم، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهله.
ولقد عرفت مشايخي الذين أخذت عنهم العلم؛ فأكثرهم مجتهدون.
(١) • ونقله - أيضا - ابن عبد البر في " جامع بيان العلم "، وابن القيم " في إعلام الموقعين "، وأبو الحسن السندي في حاشيته على " سنن ابن ماجه "، والفلاني في " إيقاظ الهمم "، وغيرهم. (ن)