وقد ذهب إلى ما ذكرناه جمهور الصحابة ومن بعدهم، وعمل عليه الخلفاء الراشدون.
وأخرج مسلم، وغيره من حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
" أيما قرية أتيتموها، فأقمتم فيها، فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسوله؛ فإن خمسها لله ورسوله، ثم هي لكم ".
أقول: قسمة الأموال المجتمعة للمسلمين - من خراج، ومعاملة، وجزية، وصلح، وغير ذلك - ينبغي تفويض قسمتها إلى الإمام العادل الذي يمحض النصح لرعيته، ويبذل جهده في مصالحهم، فيقسم بينهم ما يقوم بكفايتهم، ويدخر لحوادثهم ما يقوم بدفعها، ولا يلزمه في ذلك سلوك طريق معينة سلكها السلف الصالح؛ فإن الأحوال تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة.
فإن رأى الصلاح في تقسيم ما حصل في بيت المال في كل عام؛ فعل، وإن رأى الصلاح في تقسيمه في الشهر، أو الأسبوع، أو اليوم؛ فعل.
ثم إذا فاض من بيت مال المسلمين على ما يقوم بكفايتهم، وما يدخر لدفع ما ينوبهم؛ جعل ذلك في مناجزة الكفرة، وفتح ديارهم، وتكثير جهات المسلمين، وفي تكثير الجيوش والخيل والسلاح؛ فإن تقوية جيوش المسلمين هي الأصل الأصيل في دفع المفاسد، وجلب المصالح.