وللحديثين طرق يقوي بعضها بعضا، وليس فيها من المقال ما يبطل الاحتجاج بمجموعها.
ومن الجمع بين المغرب والعشاء: حديث ابن عمر الثابت في " الصحيحين " وغيرهما: أن النبي -[صلى الله عليه وسلم]- كان إذا جد به السير؛ أخر المغرب حتى يغيب الشفق، ثم يجمع بينها وبين العشاء.
قال ابن القيم:" وكل هذه سنن في غاية الصحة والصراحة ولا معارض لها، فرُدّت بأنها أخبار آحاد وأوقات الصلوات ثابتة بالتواتر، كحديث إمامة جبريل - عليه السلام - للنبي [صلى الله عليه وسلم] ، وقوله للسائل عن المواقيت، وهذه أحاديث محكمة صحيحة صريحة في تفصيل الأوقات، مجمع عليها بين الأمة، وأحاديث الجمع غير صريحة؛ لجواز أن يكون المراد بها الجمع في الفعل وفي الوقت، فكيف يترك المبين للمجمل؟ !
والجواب أن يقال: الجميع حق، والذي وقت هذه المواقيت وبينها بفعله وقوله؛ هو الذي شرع الجمع بقوله وفعله، فلا يؤخذ ببعض السنة ويترك بعضها؛ فأحاديث الجمع مع أحاديث الأفراد، بمنزلة أحاديث الأعذار والضرورات مع أحاديث الشروط والواجبات، فالسنة يبين بعضها بعضا، لا يرد بعضها ببعض.
ومن تأمل أحاديث الجمع: وجدها كلها صريحة في جمع الوقت، لا في جمع الفعل، وألفاظ السنة الصريحة ترده ".