عنهم - في صفة حجته صلى الله عليه وسلم؛ وهي حجة واحدة، وكل واحد منهم يخبر عن مشاهدة في قصة واحدة؟
قلت: قال القاضي عياض: قد أكثر الناس الكلام على هذه الأحاديث؛ فمن مجد منصف، ومن مقصر متكلف، ومن مطيل مكثر، ومن مقتصر مختصر.
قال: وأوسعهم في ذلك نفسا؛ أبو جعفر الطحاوي الحنفي، فإنه تكلم في ذلك في زيادة على ألف ورقة، وتكلم معه في ذلك أيضا أبو جعفر الطبري، ثم أبو عبد الله بن أبي صفرة، ثم المهلب، والقاضي أبو عبد الله بن المرابط، والقاضي أبو الحسن بن القصار البغدادي، والحافظ أبو عمر بن عبد البر وغيرهم.
قال القاضي عياض: وأولى ما يقال في هذا على ما فحصناه من كلامهم، واخترناه من اختياراتهم، مما هو أجمع للروايات وأشبه بمساق الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للناس فعل هذه الأنواع الثلاثة؛ ليدل على جواز جميعها، ولو أمر بواحد لكان غيره يظن أنه لا يجزئ، فأضيف الجميع إليه، وأخبر كل واحد بما أمره به، وأباحه له، ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ إما لأمره وإما لتأويله عليه. انتهى.
أقول: إنما ذكر المختلفون في أفضل الأنواع نوع حجته صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم يقولون: إن النوع الذي اختاره صلى الله عليه وسلم لنفسه لا يكون إلا فاضلا، ولا سيما والتلبية كانت عن وحي من الله - عز وجل -؛ كما في حديث: أنه نزل جبريل فقال: " قل: لبيك بحجة وعمرة ".