للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد اختلف في نوع حجته صلى الله عليه وسلم، والحق أنه قران كما قرر الماتن ذلك في " شرح المنتقى "، ولكنه قال بعد ذلك: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة "، يعني: كما فعل أصحابه صلى الله عليه وسلم عن أمره، وهذا الحديث متفق على صحته كما تقدم، فدل على أن التمتع أفضل من القران بلا ريب.

ولا اعتبار بقول من قال: إنه صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك تطييبا لقلوب أصحابه؛ حيث حجوا تمتعا لعدم الهدي؛ لأن المقام مقام تشريع، لا مقام جبر خواطر، وتطييب قلوب، فالحق أن التمتع أفضل.

وأما أنه متعين لا يجوز غيره - كما رجحه ابن القيم - رحمه الله -، وأطال الكلام في تقريره -؛ فلا (١) .

قال في " التكميل ": " اختلفوا في نسك النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان مفردا للحج، أو قارنا، أو متمتعا سائق الهدي؟ ووجه التطبيق: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين جمع الناس، وخرج من المدينة المنورة إلى مكة المعظمة؛ كان لا ينوي إلا الحج، فلما بات بذي الحليفة في العقيق؛ أُمر بالقران، فقال: " لبيك بحجة وعمرة "، فلما دخل مكة، وتذكر جهالة العرب أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، وعرف أنه في آخر عمره ولا يعيش إلى قابل؛ أراد رد هذا الوهم بأبلغ وجه، فأمر الناس بفسخ إحرام الحج وجعله عمرة، وقال: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ ما سقت الهدي، وأحللت مع الناس كما حلوا "، فكان مفردا بحسب ابتداء النية والشهرة، وقارنا بحسب تلبيته من


(١) • التمتع أفضل فقط؛ ولا يتعين. (ن)
قلت: ويُنظر كتاب " حجة النبي صلى الله عليه وسلم " (ص ١٠ - ٢٠) لشيخنا؛ لتحرير المسألة

<<  <  ج: ص:  >  >>