نعم؛ لو صح إجماع الصحابة على ذلك لكان دليلا عند القائلين بحجية الإجماع؛ ولكنه قد روي عن أبي الدرداء، ومجاهد، وربيعة، وأبي ثور، والقاسم بن محمد، وسالم: أنه يجوز له أن ينكح أربعا كالحر.
حكى ذلك عنهم صاحب " البحر ".
فالأولى الجزم بدخوله تحت قوله - تعالى -: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} ، والحكم له وعليه بما للأحرار وعليهم؛ إلا أن يقوم دليل يقتضي المخالفة؛ كما في المواضع المعروفة بالتخالف بين حكميهما ". انتهى.
ويوضح ذلك ما حرره الماتن - رحمه الله تعالى - في " وبل الغمام حاشية شفاء الأوام "؛ عبارته هكذا:
" الذي نقله إلينا أئمة اللغة والإعراب - وصار كالمجمع عليه عندهم -: أن العدل في الأعداد يفيد أن المعدود لما كان متكثرا يحتاج استيفاؤه إلى أعداد كثيرة؛ كانت صيغة العدل المفردة في قوة تلك الأعداد، فإن كان مجيء القوم مثلا اثنين اثنين، أو ثلاثة ثلاثة، أو أربعة أربعة - وكانوا ألوفا مؤلفة -، فقلت: جاءني القوم مثنى؛ أفادت هذه الصيغة أنهم جاءوا اثنين اثنين، حتى تكاملوا، فإن قلت: مثنى، وثلاث، ورباع؛ أفاد ذلك: أن القوم جاءوك تارة اثنين اثنين، وتارة ثلاثة ثلاثة، وتارة أربعة أربعة، فهذه الصيغ بينت مقدار عدد دفعات المجيء؛ لا مقدار عدد جميع القوم، فإنه لا يستفاد منها أصلا، بل غاية ما يستفاد منها: أن عددهم متكثر تكثرا تشق الإحاطة به.
ومثل هذا إذا قلت: نكحت النساء مثنى؛ فإن معناه: نكحتهن اثنتين اثنتين، وليس فيه دليل على أن كل دفعة من الدفعات لم يدل في نكاحه إلا