قلت: هو من تقدير الكفاية بالمعروف؛ لأن القدح يكفي غالب الأشخاص شهرا؛ لا سيما في مثل صنعاء، فيكون للشخص في كل يوم نصف صاع، يأتي المجموع في ثلاثين يوما خمسة عشر صاعا، وهي قدح ينقص صاعا.
فهذا فيه ملاحظة للمعروف باعتبار الغالب، ولكن إذا انكشف أنه لا يكفي؛ بأن يكون الشخص أكولا؛ فلا يحل العمل بذلك الغالب؛ لأن فيه إهمالا لما أرشد إليه صلى الله عليه وسلم من الكفاية، وهذا ليس فيه كفاية.
فالحاصل: أنه لا بد من ملاحظة أمرين:
أحدهما: الكفاية.
والثاني: كونها بالمعروف.
فإذا عُلم مقدار الكفاية؛ كان المرجع في صفاتها إلى المعروف، وهو الغالب في البلد، وإذا لم يُعلم حال الشخص في مقدار ما يكفيه، أو وقع الاختلاف بينه وبين من يجب عليه إنفاقه؛ كان القول قول من يدعي ما هو المتعارف به.
مثلا؛ إذا قال من له النفقة: لا يكفيه إلا قدحان، وقال من عليه النفقة: قدح؛ كان القول قول من عليه النفقة؛ بكونه مدعيا لما هو الغالب في العادة، وإذا تبين حال من له النفقة، وجب الرجوع إلى ذلك؛ لما عرفناك من أنه لا