ثم الظاهر من قوله - صلى الله عليه وسلم -: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف "؛ أن ذلك غير مختص بمجرد الطعام والشراب؛ بل يعم جميع ما يُحتاج إليه، فيدخل تحته الفضلات التي قد صارت بالاستمرار عليها مألوفة؛ بحيث يحصل التضرر بمفارقتها، أو التضجر، أو التكدر، ويختلف ذلك بالأشخاص، والأزمنة، والأمكنة، والأحوال، ويدخل فيه الأدوية ونحوها، وإليه يشير قوله - تعالى -: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} ؛ فإن هذا نص في نوع من أنواع النفقات؛ أن الواجب على من عليه النفقة رزق من عليه إنفاقه، والرزق يشمل ما ذكرناه.
قال في " الانتصار ": ومذهب الشافعي: لا تجب أجرة الحمام وثمن الأدوية وأجرة الطبيب؛ لأن ذلك يراد لحفظ البدن؛ كما لا يجب على المستأجر أجرة إصلاح ما انهدم من الدار.
وقال في " الغيث ": " الحجة أن الدواء لحفظ الروح؛ فأشبه النفقة ". انتهى.
قلت: هو الحق؛ لدخوله تحت عموم قوله:" ما يكفيك "، وتحت قوله:{رزقهن} ؛ فإن الصيغة الأولى عامة باعتبار لفظ ما، والثانية عامة لأنها مصدر مضاف، وهي من صيغ العموم، واختصاصه ببعض المستحقين للنفقة لا يمنع من الإلحاق.
وبمجموع ما ذكرناه؛ يتقرر لك أن الواجب على من عليه النفقة لمن له النفقة؛ هو ما يكفيه بالمعروف، وليس المراد تفويض أمر ذلك إلى من له