ولسنا ممن يقول بنفي القياس؛ لكنا نقول بمنع التعبد به فيما عدا العلة المنصوصة، وما كان طريق ثبوته فحوى الخطاب.
وليس ما ذكروه ههنا من هذا القبيل؛ فليكن هذا المبحث على ذكر منك؛ تنتفع به في مسائل كثيرة.
قال الماتن - رحمه الله - في كتابه " السيل الجرار ":
" ولا يخفاك أن ذكره صلى الله عليه وسلم للكيل والوزن في الأحاديث؛ لبيان ما يتحصل به التساوي في الأجناس المنصوص عليها، فكيف كان هذا الذكر سببا لإلحاق سائر الأجناس المتفقة في الكيل والوزن بهذه الأجناس الثابتة في الأحاديث؟ {وأي تعدية حصلت بمثل ذكر ذلك؟} وأي مناط استفيد منها؛ مع العلم أن الغرض بذكرها هو تحقيق التساوي؛ كما قال: " مثلا بمثل سواء بسواء "؟ {
وأما الاتفاق في الجنس والطعم كما قال الشافعي، واستدلوا على ذلك بما ثبت في " صحيح مسلم "، وغيره من حديث معمر بن عبد الله، قال: كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " الطعام بالطعام مثلا بمثل "، وكان طعامنا يومئذ الشعير؛ فأقول: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الطعام؛ فكان ماذا؟} وأي دليل على أنه أراد بهذا الذكر الإلحاق؟ {وأي فهم يسبق إلى كون ذلك هو العلة المعدية حتى تركب عليها القناطر وتبنى عليها القصور؟} ويقال: هذا دليل على أن كل ما له طعم كان بيعه بما له طعم متفاضلا ربا! مع أن أول ما يدفع هذا الاستدلال الذهب والفضة؛ اللذان هما أول منصوص عليه في الأحاديث المصرحة بذكر الأجناس التي تحرم فيها الربا.