وقد كان اتجاره لأن النبي صلي الله تعالي عليه وسلم قد علم خصاصته، فأرسله إلي اليمن، وظن أن ذلك ليجبر فقره في حلال، ولم يعد إلي المدينة المنورة إلا بعد وفاة النبي صلي الله تعالي عليه وسلم، وقد صار أبو بكر خليفة رسول الله ولكنه تظنن في حل هذا المال الذي اكتسبه بالتجارة.
جاء إلي عمر رضي الله عنه وقص عليه خبر هذا المال، وسأله ماذا يصنع به فقال الفاروق ادفعه إلى أبى بكر؛ فإن أعطاكه فاقبله، فقال الصحابي الجليل، لماذا أدفعه إليه، وإنما بعثني رسول الله صلي الله تعالى عليه وسلم ليجبرني.
انطلق عمر به إلي أبى بكر، وطلب إليه أن يرسل إلي معاذ فخذ منه ودع له، أي فشاركه كسبه، فقال الصديق: ما كنت لأفعل إنما بعثه رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم ليجبره، فلست آخذ منه.
ولكن معاذ التقي الذي اقتبس من نور الصحبة انطلق إلى أبي بكر يدفع إليه المال كله حتي السوط الذي كان يساق به فقال أبو بكر: خذه فهو لك.
هذا وقد فوض النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إليه أمر قضاء اليمن، وشرح للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم كيف يقضى إذا عرض له قضاء. فقد روي عنه نحو سبعين من أهل حمص أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن قال: كيف تصنع إن عرض قضاء: قال أقضي بكتاب الله. قال عليه الصلاة والسلام، فإن لم يكن: قال فبسنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم؟ قال أجتهد رأيي، وإني لا آلو، فضرب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم علي صدره، وقال: الحمد لله الذى وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم.
وإن ذلك الخبر كان أصلا للاجتهاد في الفقه، أخذ به من أخذوا بالقياس وعارض فيه من عارضوا القياس، وإنهم لشرذمة قليلون.
وقد أثر له رأي في القضاء، وهو أنه لا يرث الكافر من المسلم، ولكن يرث المسلم من الكافر، وبهذا الرأي أخذ الإمامية من الشيعة، وعمل به معاوية، ولكن الجمهور الأعظم من الفقهاء لم يأخذ به.
روي الإمام أحمد بسنده عن أبي الأسود الدؤلي قال «كان معاذ باليمن فارتفعوا إليه في يهودى مات، وترك أخا مسلما، فورث معاذ المسلم من اليهودى، وقال: «إني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: «إن الإسلام يعلوولا يعلي عليه» وأخذ الحكم من القياس باعتبار أن الإسلام يعلو،