ضيافة، لا في أسر، حتى إن الأنصارى كان يفضل الأسير في الطعام على أهله وعياله، وكان يرى الأسير ذلك، فيتعفف، فيشدد عليه الأنصارى، فكانوا يؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة.
٣٨٩- لقد أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقتل عقبة بن أبى معيط، والنضر بن الحارث؛ لأنهما كانا قائدى الشرك في المعركة، ولأن عقبة هو الذى كان يحرض على القتال بعد أن نجت العير، وأراد بعض كبراء قريش أن يكتفوا بذلك، ولا يقاتلوا حفظا للرحم، كأمية بن خلف، وعتبة ابن ربيعة.
وروى الشعبى أنه لما أمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بقتل عقبة قال: أتقتلنى يا محمد من بين قريش؟ قال: نعم، ثم التفت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى أصحابه، وقال: أتدرون ما فعل هذا بى؟ لقد جاء وأنا ساجد خلف المقام فوضع رجله على عنقى، وغمزها فما دفعها حتى ظننت أن عينى تدوران. وجاء مرة أخرى بسلا شاة فألقاها على رأسى وأنا ساجد، فجاءت فاطمة، فنسلت عن رأسى.
وكان مثل ذلك النضر بن الحارث، وكان حامل لواء المشركين. فكان قتله لما قدم من أذى، ولما فيه من إذلال الشرك وأهله.
وقد أخذ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الفداء من ذوى الثراء من بنى هاشم، بل شدد فى الأخذ منهم ولم يقبل منهم إلا الفداء.
ولعل أدل شيء على شدته في أخذ الفداء من بنى هاشم مجاوبته مع عمه العباس بن عبد المطلب الذى كان يحبه، وكان يألم لأسره، والشد عليه بالوثاق.
ادعى العباس أنه أسلم من قبل، ومعنى ذلك أنه ليس عليه فداء، لأنه جاء مكرها لا محاربا.
فقال له النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: أما ظاهرك فكان علينا، والله أعلم بإسلامك، وسيجزيك خيرا. فادعى أنه لا مال عنده يفدى به نفسه، ومن معه من بنى هاشم عقيل ونوفل ولدى أخيه، فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: فأين المال الذى أودعت أنت وأم الفضل، وقلت: لو أصبت في سفرى هذا فهذا لبنى الفضل وعبد الله وقثم، فقال العباس رضى الله تعالى عنه: والله إنى لأعلم أنك رسول الله، إن هذا شيء ما علمه إلا أنا وأم الفضل.
وقد أخذ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مائة أوقية من ذهب فداء له ولا بنى أخيه عقيل ونوفل، وعن حليف له هو عتبة بن عمرو أحد بنى الحارث بن فهر.