له، يا عائشة، إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقى الله، وإن كنت قد قارفت سوآ مما يقول الناس، فتوبى إلى الله. فإن الله يقبل التوبة عن عباده.
لقد كانت تبكى، فجف الدمع من قوله، لأنها كانت ترجو فيه الرضا بعد الجفوة، ترجوه رضا مطلقا لا رضا معلقا، وترجو ألا يكون منه، وهو الحبيب الرسول النفى المطلق في مواجهته، وتلفتت الصبية المؤمنة المحصنة الطاهرة أن يجيب عنها أحد، وقد قال أحب حبيب لها في الوجود ما لا يقطع بالنفى المطلق، المثبت لبراءتها، فلم يجب أبواها، وكانت في حيرة البريء الذى يجرى حوله الاتهام، ويحيط بها من كل جانب، رأت أنها إن كذبت لا تصدق، وإن أثبتت كذبت.
فتركت أمرها لله تعالى، لا ترجو سواه، وما كانت تظن أنها بلغت مبلغ أن ينزل قرآن يتلى ويصلى به في براءتها، وإنها تزعم أنها أصغر من ذلك، ولكن مقامها عند الله كبير لأنها صبرت مطمئنة إلى حكم الله تعالى، ورضيت بأن يكون وحده هو الذى يعلن براءتها، فنزلت الآيات الكريمات المبرئات بالدليل، إذ قال تعالى: