تعالى فى النص الكريم: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ ولا شك أن المتعة لا توجب إحصانا يوجب الرجم.
وثانيا: أن الإجماع لم ينعقد على إباحتها، والتعبير بإباحتها خطأ، فلم يقل المحققون بأنها كانت مباحة إنما أذن فيها، كما أذن بأكل الميتة، فإن الإباحة تكون لأمر ذاتى فى الفعل، أما الإذن فإنه يكون لضرورة سوغت الإذن، وإذا عبر بعض الأئمة بالإباحة فمن قبيل التسامح فى التعبير.
وإن العلماء من بعد نهى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد أجمعوا على نسخها فلا موضع للقول بالإجماع، وإذا كان قد أثر عن ابن عباس أنه أذن بها فى حال الضرورة الحربية فقط، فقد روى أنه رجع عن رأيه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ولقد قالوا- أى بعد عصر الأئمة والأوصياء عندهم- أن الإجماع انعقد على إباحتها بين الشيعة والسنة وانفرد أهل السنة بالنسخ، ونقول لهم أن الأدلة التى أذنت بها هى التى نسختها، فلا يقال إجماع على الإذن، وعدم إجماع على النسخ، فالأدلة ملزمة فى الأمرين.
وثالثها: أن ثبوت النسخ لم يكن بخبر آحاد، بل لأنها فى ذاتها محرمة كالميتة والخنزير والدم المسفوح، وما أهل لغير الله به، وذلك ثابت بالقرآن الكريم، فى قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ قاطعة فى إثبات التحريم، لأنه من المؤكد المتفق عليه أن علاقة المتعة ليست علاقة زوجية، فهى لا تعد زوجة بدليل أنه لا يجرى فيها طلاق ولا ميراث، ولا عدة زوجية، لا فى حال الموت ولا فى حال الانفصال.
والنهى عن اتخاذ الأخدان المتكرر يدل على تحريمها لأنها ليست إلا كذلك، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم عندما أذن بها كان لضرورة. فى مخالفة المحرم تحريما قاطعا كمبدأ عام، وقد قال العلماء فى ذلك: قاعدة الضرورات تبيح المحظورات.
وقد نسخ الإذن فى حال الضرورة فى حال الحرب ضرورة لما استأنس الناس بالإسلام، وأشربوا حبه وعودوا الصبر وضبط النفس بالإيمان.
وفى الحق أن المتعة من بقايا الجاهلية وهى كما قررنا من نوع اتخاذ الأخدان، فلما كان المؤمنون قريبى عهد بالجاهلية عد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك ضرورة لهم فى الحرب، فأذن بها للذين لا يزالون فى نفوسهم بعض العادات الجاهلية، ولذلك لم يؤثر عن أحد من المؤمنين الراسخين أنه استساغها كأبى بكر وعمر وعلى وأحد من المهاجرين الأولين والأنصار والسابقين، وهم كانوا يحضرون كل