فيها مرةً وترك القنوت أخرى معلمًا بذلك أمته أنهم مخيرون فى العمل بأى ذلك شاءوا من فعله. وأخبر طارق أنه صلى معه، فلم يره قنت، وغير منكر أن يكون صلى معه فى الأوقات التى لم يقنت فيها، فأخبر عنه بما رأى وشاهد، وليس قول: لم أر النبى (صلى الله عليه وسلم) قنت حجة يدفع بها قول من قال: رأيته يقنت، ولا سيما والقنوت أمرٌ المصلى مخير فيه وفى تركه، ولو كان قول من قال: لم أره يقنت دافعًا لقول من قال: رأيته قنت وجب قولُ من قال: رأيته لا يرفع يديه عند الركوع، وعند رفعه منه دافعًا لقول من قال: رأيته يرفع يديه عندهما. وكذلك كان يجب أن يكون كل ما حكى عنه من اختلاف كان منه فى صلاته مما فعله تعليمًا لأمته فى أنهم مخيرون بين العمل له وتركه غير جائز العمل بأحدهما، وفى إجماع الأمة أن ذلك ليس كذلك، وأن رفع اليدين فى حال الركوع والرفع منه غير مفسد لصلاة المصلى، ولا تركه بموجب عليه قضاء إذْ كان من العمل الذى عمله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحيانًا وتركه أحيانًا، فكذلك القنوت مثله سواء، وكذلك القول عندنا فيما روى عن أصحابه عليه السلام، من الاختلاف فى ذلك؛ لأن كُلا شهد بما رأى منه عليه السلام، فى ذلك وكل محق صادق. قال المهلب: ووجه اختيار مالك القنوت قبل الركوع، والله أعلم ليدرك المستيقظون من النوم الركعة التى بها تدرك الصلاة، ولذلك كان الوقوف فى الصبح أطول من غيرها. قال غيره: ووجه قول أنس للسائل: كذب، يريد أنه كذب إن