للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدلالة على ذلك؛ ألا ترى أن الرسول نفى الإيمان عمن يقول إذا سئل عن نبيه يقول: (لا أدرى سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته) . وفيه: ذم التقليد وأن المقلد لا يستحق اسم العلم التام على الحقيقة. فإن قال قائل: كيف قلت: إن تمام الإيمان، وتمام العلم هو المعرفة بالله ورسوله، ومعرفة الدلالة على ذلك، وقد روى عن السلف أنهم كانوا يقولون عليكم بدين العذارى، والعذارى لا علم عندهن بالدلالة على الإيمان، وإنما عليهن التقليد وأنت قد ذممت التقليد؟ . قيل: قد جاءت هذه الكلمة فى حديث عبيد الله بن عدى بن الخيار حين كلم خاله عثمان بن عفان فى أخيه الوليد بن عقبة، وقال له: (قد أكثر الناس فى شأن الوليد، فحق عليك أن تقيم عليه الحد، فقال: يا ابن أختى، أدركت رسول الله؟ فقلت: لا، ولكن قد خلص إلىّ من علمه ما خلص إلى العذارى فى سترها. . .) ، وذكر الحديث، ذكره البخارى فى كتاب فضائل الصحابة فى باب هجرة الحبشة. ومعنى قولهم: (دين العذارى) ، هو أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، بلغ عن ربه دينه حتى وصل ذلك إلى العذارى فى خدورهن، فعلمنه خالصًا لم يُشب، وقد ألزم الله المؤمنين أن يعلموا ذريتهم حقيقة الإيمان بقوله: (قوا أنفسكم وأهليكم نارًا) [التحريم: ٦] ، فكل مؤمن يُعَلِّمُ بنيه فى الصغر خالص الإيمان، وما يلزمه من فرائضه، ولا يعلمه اعتراض الملحدين ولا شبه الزائغين؛ لأن الجدال فيه ربما أورث شكا،

<<  <  ج: ص:  >  >>