اختلف العلماء فى قدر المسافة التى يستباح فيها القصر فى الصلاة، فكان مالك يقول: يقصر فى مسيرة يوم وليلة، ثم رجع فقال: يقصر فى أربعة بُرُد، وهى ثمانية وأربعون ميلاً، كقول ابن عمر، وابن عباس، وبه قال الليث، والشافعى فى أحد أقواله، وهو قول أحمد، وإسحاق. وروى أشهب، عن مالك، فيمن خرج إلى ضيعته، وهى على رأس خمسة وأربعين ميلاً، قال: يقصر. وروى أبو زيد، عن ابن القاسم فيمن قصر فى ستة وثلاثين ميلاً، قال: لا يعيد. وقال ابن حبيب: يقصر فى أربعين ميلاً، وهى قريب من أربعة بُرُد. وقال الأوزاعى: عامة العلماء يقولون: مسيرة يوم تامٍ، وبه نأخذ. وقالت طائفة: يقصر فى يومين، روى هذا عن ابن عمر، والحسن البصرى، والزهرى، وذكر مثله عن الشافعى. وقالت طائفة: لا يقصر إلا من سافر ثلاثة أيام، روى هذا عن ابن مسعود، وبه قال الثورى، والكوفيون. وقال الأوزاعى: كان أنس بن مالك يقصر الصلاة فى خمسة فراسخ، وذلك خمسة عشر ميلاً. وحُكى عمن لا يعتد بخلافه من أهل الظاهر أنه يجوز فى قليل السفر، وكثيره إذا جاوز البنيان ولو قصد إلى بُستانه، وحكوه عن على بن أبى طالب. قال ابن القصار: والحجة لقول مالك، ومن وافقه حديث أبى هريرة أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم