الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حُرمة) . فجعل لليوم والليلة حكمًا خلاف حكم الحضر، فعلمنا أنه الزمان الفاصل بين السفر يجوز فيه القصر، وبين السفر الذى لا يجوز فيه، قال: وهذا قول ابن عمر، وابن عباس. واحتج الكوفيون بحديث ابن عمر، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قال:(لا تسافر المرأة ثلاثًا إلا مع ذى محرم) ، وقالوا: لما اختلفت الآثار والعلماء فى المسافة التى تقصر فيها الصلاة، وكان الأصل الإتمام لم يجب أن ننتقل عنه إلا بيقين، واليقين ما لا تنازع فيه، وذلك ثلاثة أيام. قال ابن القصار: والجواب أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، قد ذكر اليوم والليلة، ونص عليه فهو أولى من دليل خبركم أن ما كان دون الثلاث فبخلافها، والدليل إذا اجتمع مع النص قُضى بالنص عليه. قال الأصيلى: والدليل على أن المسافر يقصر فى يوم وليلة قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر)[البقرة: ١٨٤] ، فما نقل الله المسافر من حال الصيام إلى حال الإفطار فى سفر يوم، كذلك يجب أن ينتقل من التمام إلى القصر فى ذلك. وقال غيره: وأما اختلاف الآثار فى يوم وليلة، وفى ثلاثة أيام، وقد روى فى يومين، فالمعنى الذى تأتلف عليه هذه الأخبار أنها كلها خرجت على جواب سائلين مختلفين، كأن سائلاً سأله (صلى الله عليه وسلم) : هل تسافر المرأة يومًا وليلة مع غير ذى محرم؟ فقال: لا، ثم سأله آخر عن مثل ذلك فى يومين، فقال: لا، ثم سأله آخر عن