للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذى كانت إليه مائلة فى الدنيا، مباهية بحسنها، فعرف النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أن الصلاة تعصم من شر ذلك، وقد فسر مالك حديث كاسيات عاريات أنهن لابسات رقيق الثياب، وقد يحتمل أن يريد (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (كاسية فى الدنيا عارية فى الآخرة) النهى عن لباس رقيق الثياب واصفًا كان أو غير واصف خشية الفتنة، وسيأتى هذا المعنى مستوعبًا فى كتاب الفتن فى باب لا يأتى زمان إلا الذى بعده شر منه. وأما حديث عائشة، فظاهره أن من الفرائض ما يفرض الله على العباد من أجل رغبتهم فيها وحرصهم عليها، والأصول ترد هذا التوهم، وذلك أن الله فرض على عباده الفرائض، وهو عالم بثقلها وشدتها عليهم، أراد محنتهم بذلك لتتم الحجة عليهم، فقال: (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) [البقرة ٤٥] ، وقال موسى لمحمد، (صلى الله عليه وسلم) ، ليلة الإسراء حين رده الله من خمسين صلاة إلى خمس صلوات: (راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك) . ويحتمل حديث عائشة، والله أعلم، معنيين: أحدهما أنه يمكن أن يكون هذا القول منه (صلى الله عليه وسلم) فى وقت فرض قيام الليل عليه دون أمته، لقوله فى الحديث: (لم يمنعنى من الخروج إليكم إلا أننى خشيت أن تفرض عليكم) ، فدل أنه كان فرضًا عليه وحده. وقد روى عن ابن عباس أن قيام الليل كان فرضًا على النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، ذكره ابن الأدفوى، فيكون معنى قول عائشة: (إن كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليدع العمل) ، يعنى إن كان يدع إظهار عمله لأمته

<<  <  ج: ص:  >  >>