للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعاءهم إلى فعله معه، لا أنها أرادت أنه كان يدع العمل أصلاً، وقد فرضه الله تعالى عليه، أو ندبه إليه، لأنه كان أتقى أمته لله وأشدهم اجتهادًا، ألا ترى أنه لما اجتمع الناس من الليلة الثالثة، أو الرابعة لم يخرج إليهم، ولا شك أنه صلى حزبه تلك الليلة فى بيته. فخشى إن خرج إليهم والتزموا معه صلاة الليل أن يسّوى الله تعالى بينهم وبينه فى حكمها، فيفرضها عليهم من أجل أنها فرض عليه، إذ المعهود فى الشريعة مساواة حال الإمام والمأموم فى الصلاة، فما كان منها فريضة فالإمام والمأموم فيها سواء، وكذلك ما كان منها سنة أو نافلة. والمعنى الثانى هو أن يكون خشى من مواظبتهم على صلاة الليل معه أن يضعفوا عنها فيكون من تركها عاصيًا لله فى مخالفته لنبيه وترك اتباعه، متوعدًا بالعقاب على ذلك، لأن الله تعالى فرض اتباعه، فقال: (واتبعوه لعلكم تهتدون) [الأعراف: ١٥٨] ، وقال فى ترك اتباعه: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [النور: ٦٣] ، فخشى على تاركها أن يكون كتارك ما فرض الله عليه، لأن طاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم) كطاعة الله، وكان (صلى الله عليه وسلم) رفيقًا بالمؤمنين رحيمًا بهم. وسيأتى فى باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنى فى كتاب الاعتصام زيادة فى هذا المعنى وبيانه، إن شاء الله تعالى. وقال المهلب: فى حديث عائشة أن قيام رمضان بإمام ومأمومين سنة، لأنه (صلى الله عليه وسلم) صلى بصلاته ناس ائتموا به، وهذا خلاف قول من أزرى فقال: [. . . .] عمر. ولم يتق الله فى مقالته،

<<  <  ج: ص:  >  >>