إِلَى سَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ) . قال ابن فورك: حجة أهل البدع هذا الحديث وشبهه، وقالوا: لا يمكن حمل شىء منه على تأويل صحيح من غير أن يكون فيه تشبيه، أو تحديد، أو وصف للرب تعالى بما لا يليق به، وقد ورد التنزيل، بمعنى هذا الحديث وهو قوله:(وجاء ربك والملك صفا صفا)[الفجر: ٢٢] ، و) هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام والملائكة) [البقرة: ٢١] ، و) أتى الله بنيانهم من القواعد) [النحل: ٢٦] . ولا فرق بين الإتيان والمجئ والنزول إذا أضيف جميع ذلك إلى الأجسام التى يجوز عليها الحركة والنقلة التى هى تفريغ مكان زشغل غيره، فإذا أضيف ذلك إلى من لا يليق به الانتقال والحركة كان تأويل ذلك على حسب ما يليق بنعته وصفته عزَّ وجلَّ. فمن ذلك أنا وجدنا لفظة النزول فى اللغة مستعملة على معانٍ مختلفة، فمنها النزول بمعنى الانتقال والتحويل كقوله:(وأنزلنا من السماء ماءً طهورًا)[الفرقان: ٤٨] ، ومنها النزول بمعنى الإعلام كقوله:(نزل به الروح الأمين)[الشعراء: ١٩٣] ، أى أعلم به الروحُ الأمين محمدًا، (صلى الله عليه وسلم) . ومنها النزول بمعنى القول فى قوله تعالى:(سأنزل مثل ما أنزل الله)[الأنعام: ٩٣] ، أى سأقول مثل ما قال، ومنها النزول بمعنى الإقبال على الشىء، وذلك هو المستعمل فى كلامهم الجارى فى عرفهم، وهو